الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

السياحة الشاطئية مهددة بالغرق









لسنا بالقطع حديثي العهد بتعاليم الدين الإسلامي وتطبيقات الشريعة الإسلامية ولسنا أيضا في حاجة الي الإشارة إلي أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال في كافة مناحي الحياة.









ولكننا الآن نفاجأ بأننا في حاجة ماسة الي التأكيد علي ذلك في مواجهة التصريحات المتشددة المتناثرة التي اقتربت من قطاع السياحة بشكل خاص مطالبة بإلغاء السياحة الشاطئية وحظر تقديم الخمور في الفنادق.. وما الي ذلك مما يجعلنا في حاجة ضرورية الي فتح الحوار حول هذه الآراء والتصريحات مع علماء الدين ورصد ردود الأفعال لدي العاملين ي قطاع السياحة.. لكي ندق ناقوس الخطر تجاه ما قد تثيره هذه التصريحات من ردود أفعال تؤثر سلبا علي هذا القطاع شديد الحساسية مع احترامنا الكامل لهوية مصر كبلد إسلامي ذات طابع سياحي وهو أمر لا تختص به وحدها فماليزيا علي سبيل المثال بلد اسلامي يرد إليه53 مليون سائح سنويا كما ورد علي لسان خبير أمني مسئول مؤخرا في احدي البرامج الحوارية.. تري ما هو الحل أمام هذا الأرق الجديد الذي تواجهه السياحة؟!



د. عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية أصول الدين سابقا يشير الي ما ورد في كتاب الله عز وجل وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير صدق الله العظيم فالمقصود هنا ترك الأفراد وما يدينون ولا حاجة الي إكراه الناس علي الإلتزام بتكاليف الشريعة الإسلامية.. إنما علينا أن ندعوهم بالحسني والنصح ونشر الوعي الديني الصحيح الوسطي وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس فالإكراه علي العبادات والأديان لا ينتج متدينا وإنما ينتج منافقا ولذلك فقد قال تعالي: إن عليك إلا البلاغ وقال أيضا: فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر فمهمة الرسول وكل داعية أن يحبب في دعوته ولا يكره أحدا عليها ولا ينفر منها وحتي لا تكون تجربتنا في تطبيق الشريعة الإسلامية تجربة قاصرة علي تراثنا وما كان فيه من وسطية وإعتدال وحتي لا تكون كالتجارب الأخري التي فشلت وإنعكس فشلها علي سمعة الإسلام نفسه مثل فشل بعض الدول التي طبقت الشريعة بشكل خاطئ فقطعت في بضعة أشهر حوالي270 يدا بينما لم يقطع الرسول عليه السلام إلا أعدادا تساوي أعداد اليد الواحدة.. وكما أقامت دولة ما حد الرجم بغير شروطه المشددة التي كان يجب أن تسقط الحد, وليست الحدود في الإسلام هي المطلب الأول حتي يتفاخر بعض المطبقين للشريعة باقامتها ثم يتركون كثيرا من أصول الإسلام الأساسية غير مطبقة.. فيقطعون الأيدي ويقيمون الحدود بينما تنتهك حرمات الله والناس في حالات كان لابد أن يتم فيها تطبيق الشريعة..


ثم شرع الله
فلابد أن ننتبه في المرحلة القادمة ـ كما يضيف د. عبد المعطي بيومي ـ الي شيء مهم وهو كيفية تطبيق الشريعة الإسلامية في دولة مدنية تحرص علي إلتزامها بالإسلام الذي نفهم من كتاب الله وسنته وتطبيقات الأئمة في تراثنا الطويل.. فكل هذه المرجعية الرفيعة تقتضي أن نعرف مقاصد الإسلام العليا ودائرته الكلية حيث أجمع الأئمة الأعلام منذ عهد الرسول الكريم عليه السلام الي وقتنا الحاضر علي أنه حيث تكون المصلحة فثم شرع الله ومن هنا وجب التركيز علي المصالح العليا للمجتمع لا الأراء الشخصية ولا سلوك الأفراد وانما الي المقصد الأعلي من الشريعة وهو إقامة العدل وتحقيق مصالح العباد.. فإذا كان السياح يأتون الي مصر فإن القرآن الكريم قد أمر بالسيد في الأرض والنظر الي ما تركه الأقوام السابقون.. ومن هؤلاء الأقوام الفراعنة الذين ملأوا الدنيا حضارة وعلما وكانت لهم نظرة توحيدية لله عز وجل.
الحكم الشرعي
ومن ناحية أخري فإذا كان يبدو من السائحين أو السائحات بعض المظاهر التي تخالف الشريعة الإسلامية فعلينا أن نعلم حكما شرعيا في معاملتهم وهي آنهم وغير المسلمين بشكل عام سواء مواطنين أو سائحين انهم غير مكلفين بفروع الشريعة الإسلامية لأنهم في الأساس لا يؤمنون بعد بأصلها أي الإيمان بالله ووحدانيته واليوم الآخر وبالتالي لا يجب أن نكلفهم بفروعها التي من بينها عدم شرب الخمر أو ارتداء الملبس الإسلامي.
الإسلام يحث علي السياحة
د. فوزي السيد عبد ربه عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة يؤكد من جانبه أهمية عدم الخلط فيما بين مفهوم السياحة بمعناها المطلق وبين بعض التجاوزرات التي تقع من بعض السياح.. فبالنسبة للسياحة فنحن مأمورون بها في ديننا الإسلامي فالله تعالي حث علي المشي في الأرض والنظر في ملكوت السموات والأرض والوقوف علي آيات الله في كونه والتعرف علي مجتمعات أخري بعيدا عن مواطن هؤلاء السياح وقل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الأيات والنذر عن قوم لا يعلمون كما أن الله تعالي قد أمرنا بالضرب في الأرض أي المشي بعمق فقال تعالي فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور. ومن ذلك نستدل علي أن ديننا الحنيف يحث علي السياحة ويحضنا عليها بل يطلب من المؤمنين أن يسهلوا للسياح سياحتهم وان يرغبوا غيرهم في السياحة في آراضيهم للوقوف علي انماط حياتهم والتعرف علي النموذج الإسلامي الذي ينبغي أن يحتذي والوقوف أيضا علي أن الإسلام دين الوسطية واليسر وليس العنف والتطرف والقسوة..
الاسلام دين الوسط








أما فيما يتعلق ببعض التجاوزات التي ربما تحدث من بعض السائحين ـ كما يتابع د. فوزي السيد فواجبنا جميعا أن نأخذ من ديننا الأمور الوسط فلا نتشدد ولا نتراخي فإذا كانت هذه التجاوزات في مجتمعات صغيرة ضيقة كالقري السياحية مثلا فلا شأن لنا بها ويمكننا غض الطرف عنها كي لا تكون عائقا يحول بينهم وبين التعرف علي بلادنا.. وفي نفس الوقت يجب ألا نكون سببا في تيسير هذه التجاوزات لهم.. ولكن علينا فيما عدا هذه التجاوزات أن نحسن وفادتهم وأن نتخير الاماكن والاثار التي تحببهم في مجتمعاتنا وتعرفهم علي سماحة ديننا وبالاخص ما يتعلق بالآثار الاسلامية ليتعرفوا كيف كان المسلمون الأوائل يعيشون في بلادنا ومن لم يفعل ذلك يكون قد خرج عن الوسطية التي هي منهج ديننا الحنيف..
خبراء السياحة يتحدثون
علي الجانب الآخر يعبر العاملون في قطاع السياحة عن بالغ قلقهم من جراء تراجع معدلات الاشغال بالفنادق وانخفاض الاقبال علي السياحة في مصر نظرا لتردي الاوضاع الامنية والاحداث الأخيرة وكذلك التصريحات الأخيرة المشار اليها التي زادت الطين بله علي حد تعبيرهم وهذه التصريحات لايجب توجيه الاهتمام إليها الآن وفقا لرأي أحمد النحاس رئيس الاتحادالمصري للغرف السياحية الذي يري أنه يجب الالتفات إلي المشكلة الأساسية وهي حالة الركود التام التي تعاني منها مقاصد سياحية هامة مثل الاقصر وأسوان علي سبيل المثال والتي كانت نسب الاشغال بها في مثل هذا الوقت من العام تصل إلي100% وكذلك الحال بالنسبة لشرم الشيخ والغردقة.. فيجب الالتفات إلي خطورة استغلال الموقف من قبل الاسواق المنافسة مثل تونس والمغرب وتركيا فالعالم أجمع لاتخفي عليه الأحداث الجارية في مصر ومن الواجب توجيه الاهتمام إلي ضرورة عودة الأمن أولا وفض المظاهرات والاعتصامات.. فالأمن هو كلمة السر أو نقطة الانطلاق الأولي نحو إستعادة السياحة لعرشها.. أما هذه التصريحات فلا مجال لها الآن..
قطاع السياحة منهك
ويتبني نفس الرأي نبيل سليم الرئيس السابق لاحدي كبري شركات الفنادق قائلا أن قطاع السياحة الآن منهك تماما ولا يتحمل أية هزات جديدة فيكفي أن نضرب مثالا بشركة كبري للفنادق وصلت خسائرها إلي10ملايين جنيه خلال ثلاثة أشهر هي يوليو وأغسطس وسبتمبر في حين أنها كانت تحقق مكاسب تصل إلي48مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي ومعني ذلك أن حجم الخسارة بها وصل إلي58مليون جنيه!! وهو ما يعطي مؤشرا خطيرا لسوء الأوضاع وترديها الآن في قطاع السياحة ناهيك عن أن الموسم الشتوي القادم لاينبيء بأي مؤشرات إيجابية حيث من المعتاد أن تتم التعاقدات عليه من4 شهور ولكن ذلك لم يحدث..
ومن هنا فإنه يجب أن تتكاتف الجهود في أسرع وقت نحو تحسين الصورة لتسير في اتجاه إسترداد السياحة لعافيتها وليس العكس.. فحتي الآن هناك ميزة واحدة في خضم هذه الأحداث الحالية التي تشهدها مصر وهي أن كل ما يحدث هو أمور داخلية لم توجه بشكل متعمد تجاه السائحين..
عادل ويليام نائب المدير العام باحدي شركات السياحة والمسئول عن السياحة الخارجية يري ضرورة التروي قبل إطلاق أية تصريحات من شأنها أن تمس صناعة شديدة الحساسية مثل السياحة التيتمثل25ـ30 % من إيرادات الاقتصاد المصري بل ان ايراداتها ذات ميزة هامة وهي أن المواطن المصري يلمسها بشكل مباشر وتدخل كضرائب للدولة وبالتالي تسهم في تقليل الدين المحلي ناهيك عن أنه يعمل بالسياحة4 ملايين عامل بشكل مباشر و8 ملايين آخرين بشكل غير مباشر.. والسياحة الشاطئية التي تختص بها هذه التصريحات 80% من إجمالي السياحة الواردة إلي مصر بل أن75% من الطاقة الفندقية في مصر مركزة في السياحة الشاطئية في دهب وطابا ونويبع وشرم الشيخ والغردقة وغيرها.. وحينما تتوقف هذه السياحة فإن ذلك سوف يؤثر حتما علي سمعة مصر الدولية في جميع المحافل السياحية بل أننا لا نبالغ إذا قلنا أن إيراداتنا من السياحة في هذه الحالة سوف تنخفض بنسبة لاتقل عن30% وسوف تتزايد معدلات البطالة عما هي عليه الآن..
إلغاء الحجز.. مشكلة
عصام لطفي مسئول باحدي شركات السياحة يؤيد الرأي السابق ويضيف أن هناك بالفعل مجموعات سياحية قد ألغت حجزها مؤخرا عقب إنتشار هذه الآراء والتصريحات عبر وسائل الاعلام ومازال الأمر متوقفا إلي حين الانتهاء من اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية ومن المأمول أن تتحسن الأوضاع كما حدث في تونس علي سبيل المثال التي قامت فيها ثورة مماثلة وبدأت السياحة بها تسترد عافيتها علي الرغم من تولي حزب النهضة الاسلامي مقاليد الأمور فقد بدأت السياحة الشاطئية بها تتنفس من جديد.




المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق