الأربعاء، 4 يناير 2012

الحلول المؤقتة وحدها لا تكفي‏ : اشتعال أزمة البنزين



قد يكون من الطبيعي أن يحدث اختناق في سلعة ما لفترة محدودة‏..‏ لكن غير الطبيعي أن يتكرر هذا الاختناق كل بضعة أيام‏!‏ علي مدي الشهور الماضية‏,






توالت أزمات المواد البترولية السائلة, فمرة يختفي بنزين80 من الأسواق, ومرة تحدث أزمة في بنزين 90, و92, ومرة تختفي جميع الأنواع من المحطات, ومرة تظهر أزمة في السولار.. وفي كل مرة نلجأ إلي حلول جزئية, فتنفرج الأزمة لمدة أيام قليلة, ثم تعود من جديد!
< وإذا كانت أسباب الأزمة- كما يحددها الخبراء- معروفة, والحلول معروفة أيضا.. فماذا ننتظر؟!, ولماذا نبحث عن حلول مؤقتة, ولا نواجهها بحلول جذرية تمنع تكرارها بهذه الصورة المزعجة؟!
هناك مشكلة حقيقية في البنزين.. هكذا قال لي الدكتور إبراهيم زهران خبير البترول الدولي, فالإنتاج قليل, ونلجأ إلي الاستيراد من الخارج, وليس لدينا أموال لتلبية الاحتياجات الاستيرادية, وهناك مراكب تتعطل, وشحنات لا يتم تفريغها لعدة أيام بسبب النوات, وتقلبات الأحوال الجوية, مشيرا إلي أننا ننتج 93% من احتياجاتنا, ونستورد7% فقط وهو بنزين95, الذي يدخل في تصنيع بنزين 80, و90, و92, وبالتالي فإن إنتاجنا من البنزين يتوقف علي نسبة الـ7% من بنزين95 الذي نستورده من الخارج, وفي حالة غياب بنزين95, فإنه لن يكون هناك إنتاج محلي, وتحدث الأزمات, والاختناقات التي نتابعها باستمرار في محطات البنزين.
< سألته: لماذا لا نقوم بإنتاج بنزين95, الذي دونه يتوقف إنتاج الأنواع الأخري من البنزين, بدلا من الاعتماد علي استيراده من الخارج؟
{ د.إبراهيم زهران: في السابق, كان لدينا وحدة لإنتاج بنزين95 في ميدور, ثم تعطلت بسبب حريق نشب فيها, ولم يتم إصلاحها, ولجأنا لاستيراده من الخارج, والقضية في رأيي ليست قضية سماسرة, ولا ارتفاع معدلات استهلاك, بقدر ما هي ترتبط بأهمية توفير بنزين95 الذي يدخل في تصنيع الأنواع الأخري من البنزين, ولذلك هناك حلول سريعة للأزمة منها استيراد بنزين95, وعلي المدي المتوسط يجب إنشاء وحدات تصنيع بنزين95, وإذا كان لدينا وحدة متعطلة علينا إصلاحها, وإذا كانت هناك وحدات قديمة فيجب تطويرها وتحديثها, حتي نتخلص من أزمات البنزين التي أصبحت متكررة ومزعجة باستمرار.
أطراف الأزمة
الأزمة الحالية في رأي الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية في الاتحاد العام للغرف التجارية- يقف وراءها العديد من العوامل المتداخلة, حيث تتوزع المسئولية بين العديد من الجهات الحكومية, فنحن نحتاج من وزارة المالية إلي تدابير مالية لتسيير أمور قطاع الطاقة( البنزين, والسولار, والبوتاجاز), منها القرار رقم(3), والذي صدر في عهد الوزير الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن السابق, في شأن تنظيم تداول المواد البترولية, وغاز البوتاجاز, وقد أعطي الوزير لنفسه كل الصلاحيات في تحديد الحصص الخاصة بالمحافظات دون الرجوع لقطاع البترول, ثم ألغي القرار بحكم قضائي, ولم يلتزم أحد بالتنفيذ, ثم جاء الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين الحالي, والذي ألغي القرار رقم(3), وأصدر القرار رقم102 لسنة2011, وهو يتضمن نفس السيناريو مع فارق بسيط, وهو أن العقوبة لم تعد الحبس فقط كما كان في قرار المصيلحي, وإنما أضيفت إليها الغرامة, لكن المشكلة الخاصة بمسئولية الوزارة عن تحديد الحصص الخاصة بالمحافظات لا تزال قائمة.
ثم الطرف الرابع, وهو النوات وهذه ليست اختراعا, فنحن نعرف مواعيدها, وكانت آخر نوة في29 نوفمبر الماضي, وكانت هذه النوة سببا في العجز الذي شهدته الأسواق في البنزين, حيث لا تستطيع المراكب المحملة بالبنزين تفريغ الشحنات بسبب ارتفاع أمواج البحر, وعدم استقرار البحر, فتظل المراكب في حالة انتظار لكي تتمكن من تفريغ الشحنة, مما يوجد أزمة في محطات التموين, لعدم قدرتها علي تلبية احتياجات المستهلكين, وهناك نوة في عيد الغطاس يوم19 يناير الحالي, وأتوقع أن تقل معها الكميات المطروحة من البنزين في المحطات. أما الطرف الخامس فهم المتعهدون أو شركات التسويق التي تمنح البنزين لأصحاب المحطات كما تراءي لها, حيث لا توجد قواعد حكومية واضحة في هذا الشأن.
ثقافة الاستهلاك!
وإذا فرغنا من هذه الأسباب والعوامل التي تسهم بشكل أو بآخر في أزمة البنزين, فهناك عوامل أخري يرصدها رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية في الانفلات الأمني, والسلوكي, وتكالب الناس علي المحطات للحصول علي كميات تفوق احتياجاتهم الفعلية, ومحاولة البعض الآخر استثمار الأزمة في الحصول علي كميات من البنزين والسولار في جراكن, ومن ثم بيعها مرة أخري في السوق السوداء بأسعار تفوق الأسعار المقررة لها, ومع أن ذلك الفعل مجرم قانونا, لا أحد من أصحاب المحطات يستطيع التصدي لهؤلاء السماسرة والوسطاء وتجار الأزمات, والبلطجية. و بالرغم من هذه الأسباب, فإنه لا أحد يحتاط للازمة, ولا يستعد لها, والمسئولية متداخلة بين أكثر من طرف, في حين يجب مواجهتها بالتوسع في السعات التخزينية.
ولمن لا يعرف, فإن هناك6 شركات أجنبية (استثمار مشترك) مسئولة عن المواد البترولية السائلة.
أين يذهب الفائض؟
< قلت: مادام هناك مليون لتر بنزين فائض فما سبب الأزمة؟
{ رئيس شعبة المواد البترولية: الفائض في البنزين وغيره, يذهب إلي مصانع الدهانات, حيث يستخدمون بنزين 80 المدعم (اللتر يباع بـ90 قرشا), ويضيفون إليه مواد كيماوية معالجة, لإنتاج الثنر المذيب بديلا عن التنر العادي الذي يقدر سعر الكيلو منه بنحو8 جنيهات, والسبب في ذلك هو قرار وقف استيراد المازوت الذي يستخدم في عدة أغراض منها مصانع الطوب, ومولدات الكهرباء, ومذيبات الدهانات. وبالرغم من دخول 877 ألف سيارة جديدة إلي الشارع المصري.
<.. والحل؟
{ د. حسام عرفات:لابد من وضوح وموضوعية في الرؤية, وعلي كل قطاع مرتبط بالأزمة أن يعرض مشكلاته بوضوح, ومن ثم البحث عن حلول عملية لها, تفاديا للازمات المتكررة في البنزين, وكذلك التنسيق بين الجهات المعنية (البترول, والمالية, والتموين) بحيث يتم وضع إستراتيجية عامة وفق آليات العرض والطلب, وكذلك نشر الوعي المجتمعي حول كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات, بحيث يحصل المواطن علي احتياجاته الفعلية, فضلا عن تشديد الرقابة علي المحطات, ووضع آليات لتنفيذها بوجود مباحث التموين, وتحقيق العدالة في التوزيع, فليس من المعقول أن تحظي القاهرة بنصيب الأسد من البنزين, ونتجاهل منطقة الصعيد, التي تواجه أزمات متكررة في البنزين دون أن نجد حلولا جذرية لها.
أسباب متعددة
وبشكل عام, فإن الأزمة تتجدد بين الحين والآخر- كما يقول أحد وكلاء مصر للبترول في الوجه القبلي- بسبب نقص الكميات التي تصل إلي محطات البنزين, وشائعات ارتفاع الأسعار, مما يوجد حالة من التكالب علي المحطات, و يحصل المواطنون علي كميات إضافية تفوق احتياجاتهم الفعلية في جراكن بالقوة مستغلين حالة الانفلات الأمني, وضعف الرقابة علي سوق المواد البترولية, مما أدي إلي انتعاش السوق السوداء لتجارة البنزين والسولار.
حملات تفتيشية
وتتصدي وزارة التموين كما يقول فتحي عبد العزيز رئيس قطاع الرقابة والتوزيع لضبط الجراكن, وتحرير محاضر لأصحابها, فضلا عن تكثيف الحملات التفتيشية والرقابية علي المحطات لمواجهة عمليات التلاعب في المحطات, والمتابعة اليومية لموقف البنزين مع المديريات, والجهات المعنية, إلي جانب معايرة طلمبات البنزين بالمحطات, وكذلك متابعة مخالفتها المتعلقة بالبيع بأزيد من السعر, أو الامتناع عن البيع, ويجري التنسيق بين الوزارة, ومديريات التموين بالمحافظات لضبط المتلاعبين, والغشاشين الذين يخلطون أنواعا من البنزين ببعضها للاستفادة من فارق السعر بين بنزين 80 و90, و92, أو بيع بنزين80 علي أنه 90 أو92, وقد تمكنت الحملات التفتيشية علي المحافظات من تحرير140 محضرا خلال الشهر الماضي, منها 105 محاضر بالقليوبية, وتشمل 59 محضرا ببيع بنزين 80 بأزيد من السعر المقرر, و23 محضر تصرف في الشحنة بدلا من بيعها للمواطنين داخل المحطات, و8 محاضر إغلاق, و5 محاضر بالقاهرة5 منها بيع بنزين80 بأزيد من السعر المقرر, ومحضران بالجيزة,و6 محاضر بالمنوفية بسبب مخالفة تجميع مواد بترولية في جراكن, ومحضران تجميع سولار في جراكن بالشرقية, والغربية, و3 محاضر بالدقهلية لتجميع البنزين في جراكن, والتصرف في الكميات قبل وصولها الي المحطات, والبيع بأزيد من السعر المقرر, ومحضر واحد بالسويس, و4 محاضر تجميع وتصرف في بني سويف, و3 محاضر بالفيوم, ومحضران بالمنيا, و3 محاضر بمحافظة سوهاج.
وتهيب الوزارة بالمواطنين التقدم بشكوي لأقرب إدارة تموين عند اكتشاف سوق سوداء لبيع المواد البترولية بأزيد من الأسعار المقررة لها, أو عند تعرضهم للغش, أو في حالة امتناع المحطة عن البيع, مشيرا إلي أن الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين كان قد أصدر قرارين وزاريين برقمي 103,102, بتجريم تخزين, ونقل, وتداول المواد البترولية, بغير الطرق الشرعية, بحيث يقتصر ذلك النشاط علي الشركات, والمحطات المصرح لها بذلك, كما تم تغليظ العقوبة علي المخالفين, ويتم تلقي بلاغات المخالفات علي الخط الساخن رقم 19468, أو بالفاكس رقم 27943755, وقد صدرت توجيهات لجميع مديريات التموين بالمحافظات ـ بتشديد الرقابة علي محطات تموين السيارات.





المصدر : الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق