الأربعاء، 29 فبراير 2012

مغـامـرة داخــل الصناديق الخاصـة‏ !!


المــال الســـايب يعـــلم السرقـــة‏:‏
هل يفعلها الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء؟‏!‏ هل يضم الصناديق الخاصة والحسابات المستقلة للموازنة العامة للدولة؟ هل ينهي معاناة العاملين المؤقتين فيها منذ عشرات السنين؟
هل يلزم البنوك التجارية والجهات الإدارية بالدولة بتحويل ما لديها من أموال عامة إلي البنك المركزي؟
هل ينجح في الحفاظ علي المال العام الذي عجز رؤساء حكومات مصر المتعاقبين عن حمايته؟!
هل يتصدي لمافيا المكافآت التي تعبث في أموال هذه الصناديق, وتتربح منها دون وجه حق؟
في الواقع, ليس أمام الدكتور كمال الجنزوري خيارات أخري, سوي ضم الصناديق الخاصة والحسابات المستقلة, والضرب بيد من حديد علي كل من يتلاعب بها, فنحن حين نتحدث عن هذه الصناديق الخاصة, والحسابات المستقلة, نتكلم عن مئات المليارات من الجنيهات, بعضها يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات, وبعضها لا يزال خارج سيطرته, في وقت يتزايد فيه عجز الموازنة.. ويتآكل فيه الاحتياطي النقدي.. بينما التزم الجميع الصمت, وأصبحت أموالها فرصة للنهب والسلب!
والآن, اسمحوا لنا أن نبدأ بما رواه لنا نائب الشعب المهندس أشرف بدر الدين صاحب استجواب الصناديق الخاصة, والذي فجر القضية تحت القبة, ولم يلتفت إليه أحد, مستندا إلي الصفحة رقم197 من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة في عام2008-2009 والتي كشفت عن أن هناك نحو تريليون و272 مليار جنيه هي حصيلة الصناديق الخاصة, ولم يتم إدراجها في تقرير لجنة الخطة والموازنة, وأن قيمة المخالفات التي استطاع الجهاز المركزي للمحاسبات حصرها عن نفس العام بلغت3955 مليون جنيه( نحو4 مليارات) أما بقية المبالغ فلا أحد يعرف أين ذهبت؟! ولا كيف صرفت.. ولمن؟!
ولعلكم تتعجبون إذا علمتم أنه لم يرد أحد علي النائب بدر الدين.. لا رئيس المجلس.. ولا وزير المالية.., الأمر الذي دفع زميله النائب حمدي حسن للتساؤل: لماذا لم يدرج المبلغ في تقرير لجنة الخطة والموازنة.. ولصالح من؟
نعود إلي الوراء قليلا, حين صدر القانون رقم139 لسنة2006 بتعديل أحكام القانون رقم127 لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية, والذي تم بمقتضاه نقل جميع أموال الجهات الإدارية من البنوك المختلفة إلي حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي, مع الحفاظ علي ملكية هذه الأموال للجهات صاحبة الحساب, علي أن تظل هي المتصرف الأساسي فيها سحبا وإيداعا. وبموجب هذا التعديل, أصبح لا يحق للحسابات والصناديق الخاصة أن تتعامل مع بنوك تجارية, لأنها أموال عامة توضع في البنك المركزي المصري أو البنك الذي يحدده, إلا بموافقة وزير المالية. وتحصل الحكومة من هذه الحسابات والصناديق الخاصة علي نسبة تتراوح ما بين5% و10% من إيراداتها!
وحين تولي الدكتور سمير رضوان وزارة المالية خلفا للدكتور يوسف بطرس غالي الهارب حاليا-, قرر دراسة ضم أموال الصناديق الخاصة التابعة للجهات الحكومية للموازنة العامة للدولة, بهدف إحكام السيطرة عليها, باعتبار أن بعضها يقع خارج الحساب الموحد.
ومن بعده, تم تعيين الدكتور حازم الببلاوي نائبا لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزيرا للمالية في حكومة الدكتور عصام شرف, و شكل الببلاوي لجنة لدراسة الموضوع, بحيث تضع الآليات السليمة والمناسبة للتعامل مع هذه الصناديق والحسابات الخاصة, وحصر حساباتها في البنوك وضبط الرقابة المالية عليها, والتأكد من تحقيقها للأهداف التي أنشئت من أجلها. كما أصدر ممتاز السعيد وزير المالية الحالي قرارا بحظر إنشاء أي صناديق خاصة جديدة تابعة للجهاز الإداري للدولة بجميع وحداته وفروعه, كما طلب من لجنة حصر الصناديق الخاصة بوحدات الجهاز الإداري سرعة الانتهاء من إعداد الدراسة الخاصة بموقف الصناديق الخاصة لمعرفة وضعها القانوني, وذلك لتحديد الموقف النهائي لتبعيتها وكيفية التعامل معها.
الدولة الموازية من الباطن
ولأنه لا أحد يريد الإفصاح بشكل دقيق عن عائدات هذه الصناديق وأوجه الإنفاق منها, لجأنا إلي إبراهيم يسري عضو الجهاز المركزي للمحاسبات لإعداد تقرير لـ الأهرام وفق ما لديه من معلومات حول هذه الصناديق, وطريقة أدائها, فإذا به يؤكد لنا أن الحسابات الخاصة للصناديق الخاصة, والوحدات ذات الطابع الخاص هي بمثابة الباب الخلفي للموازنة العامة للدولة لنهب, واستباحة, وإهدار المال العام, من خلال تحصيل الإيرادات العامة, والتصرف فيها دون ضوابط حاكمة, وذلك خارج الموازنة العامة للدولة.
أما المخالفات التي شابت أعمال تلك الحسابات الخاصة, فحدث ولا حرج, فمنها: عدم وجود رقابة مالية فعالة قبل الصرف من قبل وزارة المالية بالمخالفة للقانون رقم(105) لسنة1992 بتعديل أحكام المادة(23) من القانون رقم(127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية حيث أخضع تلك الحسابات الخاصة لرقابة وزارة المالية, فكثير من هذه الحسابات تم إنشاؤها بدون سند من القانون, ولا توجد لها لوائح مالية سليمة ومعتمدة, واستمرار الصناديق والحسابات الخاصة في الخروج عن الضوابط التي تحكم إنشاءها, فضلا عن عدم تحقيق الكثير منها الأهداف المنشأة من أجلها, وفتح العديد منها خارج البنك المركزي بالمخالفة للقانون رقم(139) لسنة2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم(127) لسنة1981, وعدم إحكام الرقابة علي مصروفات العديد منها.
ومن بين الحسابات الخاصة, صندوق السياحة بوزارة السياحة, والذي حصل إيرادات بلغت2.567 مليار جنيه خلال عام2010/2009, صرف منها خلال العام569.8 مليون جنيه فقط ليتبقي رصيد لها في2010/6/30 بلغ1.997 مليار جنيه أي ما يقرب من ملياري جنيه بحساب واحد فقط, ثم صندوق الخدمات والتنمية المحلية والذي يتفرع إلي حسابات خاصة في جميع المحافظات, ووحدات الإدارة المحلية, وقد بلغ ما أمكن حصره من إيرادات هذا الصندوق بالحساب الموحد بالبنك المركزي خلال العام المالي2010/2009 نحو3.945 مليار جنيه, تم صرف منه خلال العام ذاته نحو2.367 مليار جنيه, ليتبقي رصيد1.578 مليار جنيه, ولبيان ذلك التطور السرطاني لذلك الحساب, فقد قدم الجهاز المركزي للمحاسبات تقريرا منفصلا عن ذلك الصندوق خلال الأعوام2005/2004,2004/2003, و2006/2005 وتبين أن جملة إيرادات ذلك الصندوق علي مستوي الجمهورية بلغ متوسطها نحو750 مليون جنيه, وبمقارنة ذلك مع إيرادات عام2010/2009 يتضح ذلك التوسع السرطاني لذلك الحساب, والذي يشوب الصرف منه مخالفات متنوعة.. أما صندوق عمارة المساجد والأضرحة, التابع لوزارة الأوقاف, والذي بلغت إيراداته خلال العام المالي2010/2009 نحو119 مليون جنيه, تم صرف فقط نحو19 مليون جنيه, وتبقي رصيد في2010/6/30 بلغ100 مليون جنيه.
والحال هذه, فقد نتج عن عدم إحكام الرقابة علي الحسابات الخاصة والصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص وفقا للتقرير الذي أعده لــالأهرام إبراهيم يسري عضو الجهاز المركزي للمحاسبات مخالفات مالية جسيمة رصد الجهاز المركزي للمحاسبات بعض آثارها المالية في تقاريره المتعاقبة المتعلقة بتلك الصناديق والتي وصلت لذروتها العام المالي2010/2009, حيث ورد بالتقرير السنوي للجهاز المركزي للمحاسبات أن60% من جملة مصروفاتها تمثل مخالفات مالية, وإهدارا للمال العام, والأخطر من ذلك هو الاستمرار السنوي لذلك الإهدار العمدي للمال العام, دون أن يحرك أحد ساكنا
الإيرادات بالأرقام
ومن خلال تقارير الفحص والمتابعة والتقارير السنوية التي أعدها أعضاء بالجهاز المركزي للمحاسبات عن حسابات تلك الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص التي أمكنهم فحص ما استطاعوا الوصول إليه منها ومعرفته, اتضح تطورها من حيث العدد والقيمة بشكل سرطاني, حيث تسرطنت إيراداتها وبلغت نحو98.9 مليار جنيه خلال العام المالي2010/2009, بلغ إجمالي ما تم صرفه منها نحو67.7 مليار جنيه لذات العام, وبلغت فوائضها نحو29.4 مليار جنيه, وهي الحسابات التي أمكن حصرها بالحساب الموحد بالبنك المركزي( بالعملة المحلية فقط), والتي بلغ عددها نحو4890 حسابا خاصا, وبمقارنة تلك الأرقام المذكورة بمثيلتها عام2004/2003 يتبين التطور السرطاني الرهيب لقيمة إيرادات ومصروفات وأرصدة تلك الحسابات الخاصة والذي بلغت نسبته علي الترتيب791%,891%,624%.
وعند تحليل البيان الكلي لتلك الحسابات الخاصة خلال العام المالي2010/2009 يتبين أن نحو34% من جملة إيرادات الحسابات الخاصة تتركز في الهيئات الخدمية( مثل الهيئة العامة للطرق والكباري, والهيئة العامة لمشروعات الصرف, والهيئة العامة للنقل النهري وغيرها), وقد بلغت جملة إيراداتها نحو32.7 مليار جنيه, صرفت خلال العام نحو28 مليار جنيه, وتبقي فائض آخر العام بلغ4.7 مليار جنيه, بينما استحوذت إيرادات الحسابات الخاصة بوحدات الجهاز الإداري للدولة( مثل الوزارات والجهات التابعة لها) وخدماته علي نحو21% من جملة إيرادات الحسابات الخاصة بقيمة بلغت20.3 مليار جنيه, صرفت منها نحو10 مليارات جنيه وتبقي فائض بلغ10.3 مليار جنيه, في حين استحوذت إيرادات الحسابات الخاصة لوحدات الإدارة المحلية( مثل المحافظات والمجالس المحلية وغيرها) علي نحو18% من جملة إيرادات الحسابات الخاصة بقيمة بلغت نحو17.9 مليار جنيه, صرفت منها10.2 مليار جنيه خلال العام ليتبقي فائض بلغ نحو7.7 مليار جنيه, بينما استحوذت إيرادات الحسابات الخاصة لوحدات الهيئات الاقتصادية علي نحو19% من جملة إيرادات الحساب الخاص بقيمة بلغت نحو18.3 مليار جنيه, صرفت منها نحو14.3 مليار جنيه ليتبقي فائض مرحل بلغ نحو4 مليارات جنيه, والمدهش هو استحواذ إيرادات الحسابات الخاصة بالجامعات علي نحو7% من جملة إيرادات الحسابات الخاصة بقيمة بلغت6.4, صرفت منها نحو3.7 مليار جنيه ليتبقي فائض بلغ نحو2.7 مليار جنيه.
والحال هذه, فقد نتج عن عدم إحكام الرقابة علي الحسابات الخاصة والصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص كما يقول إبراهيم يسري عضو الجهاز المركزي للمحاسبات في التقرير الذي أعده لـالأهرام- مخالفات مالية جسيمة رصد الجهاز المركزي للمحاسبات بعض آثارها المالية في تقاريره المتعاقبة المتعلقة بتلك الصناديق والتي وصلت لذروتها العام المالي2010/2009, حيث ورد بالتقرير السنوي للجهاز المركزي للمحاسبات أن60% من جملة مصروفاتها تمثل مخالفات مالية, وإهدارا للمال العام,, والأخطر من ذلك هو الاستمرار السنوي لذلك الإهدار العمدي للمال العام, دون أن يحرك أحد ساكنا
مخالفات بالجملة
أما بشأن المخالفات التي شابت أعمال تلك الحسابات الخاصة فحدث ولا حرج, فمنها: عدم وجود رقابة مالية فعالة قبل الصرف من قبل وزارة المالية بالمخالفة للقانون رقم(105) لسنة1992 بتعديل أحكام المادة(23) من القانون رقم(127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية حيث أخضع تلك الحسابات الخاصة لرقابة وزارة المالية, فكثير من هذه الحسابات تم إنشاؤها بدون سند من القانون, ولا توجد لها لوائح مالية سليمة ومعتمدة, واستمرار الصناديق والحسابات الخاصة في الخروج عن الضوابط التي تحكم إنشاءها, وعدم تحقيق الكثير منها الأهداف المنشأة من أجلها, وفتح العديد منها خارج البنك المركزي بالمخالفة للقانون رقم(139) لسنة2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم(127) لسنة1981, وعدم إحكام الرقابة علي مصروفات العديد منها, وصرف جانب من أموالها في غير الأغراض المخصصة لها والمنشأة من أجلها مثل شراء هدايا أو مكافآت وبدلات لبعض العاملين تمثل95% من إجمالي المنصرف لبعض تلك الحسابات الخاصة, أو الصرف لبعض العاملين لا تربطهم صلة بأعمالها بالمخالفة للقانون رقم(53) لسنة1973 بشأن الموازنة العامة للدولة وتعديلاته, وعدم تحصيل جانب من موارد ها ومستحقاتها أو تحصيل بعضها بأقل مما يجب, وتحصيل رسوم بالمخالفة للدستور والقانون.
يضاف إلي ذلك, شراء احتياجات بعض الجهات من أموال الصناديق بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات, ومساهمة بعض الصناديق في رأس مال بعض الشركات الخاسرة بالإضافة لصرف مبالغ دون مستندات صرف, كما أن الكثير من هذه الحسابات الخاصة ليست لها لائحة مالية وإدارية معتمدة من وزارة المالية, فضلا عن عدم نظم محاسبية سليمة من شأنها حصر جميع العمليات المالية لتلك الحسابات من تحصيل وصرف, وبالتالي يؤدي لعدم وجود أنظمة للرقابة الداخلية بالوحدات الحسابية التي تدير تلك الحسابات, الأمر الذي يفتح الباب علي مصراعيه لاستباحة إهدار أموالها وتسهيل الاستيلاء عليها وهي بالقطع أموال عامة.
أرصدة غير مستغلة
ومن المؤسف كما جاء في تقرير عضو الجهاز المركزي للمحاسبات- أن أرصدة تلك الحسابات الخاصة ظلت غير مستغلة لمدد طويلة ولم تتم الاستفادة منها في الإغراض المنشأة من أجلها, الأمر الذي أكده وجود رصيد للحسابات الخاصة بالبنك المركزي في2010/6/30 بلغ نحو29.4 مليار جنيه عملة محلية( بخلاف العملة الأجنبية السابق الإشارة اليها), يقابله رصيد العام السابق بلغ نحو28.2 مليار جنيه, مما يشير إلي المغالاة في تحصيل الإيرادات لهذه الحسابات, فضلا عن عدم الصرف كما يجب علي الأغراض التي من أجلها أنشئت تلك الحسابات.
والشاهد كما يقول إبراهيم يسري- أنه قد تم ارتكاب تلك المخالفات بهذه الحسابات الخاصة بالرغم من القوانين التي صدرت بهدف إحكام الرقابة عليها, حيث أخضع القانون رقم(105) لسنة1992 بتعديل أحكام المادة(23) من القانون رقم(127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية تلك الحسابات الخاصة لرقابة وزارة المالية حيث نص علي أن تقو م وزارة المالية بإجراء الرقابة المالية قبل الصرف علي حسابات جميع الهيئات العامة الاقتصادية والصناديق والحسابات الخاصة, وذلك طبقا للقواعد المطبقة في هذه الجهات.
الصناديق.. مالها وما عليها
ولم نتوقف فقط عند ذلك التقرير المهم الذي أعده لنا عضو الجهاز المركزي للمحاسبات إبراهيم يسري حول مخالفات الصناديق الخاصة, لكننا طلبنا من الدكتور سمير عبد الوهاب أستاذ الإدارة العامة ومدير وحدة دعم سياسات اللامركزية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, أن يعد تقريرا لـالأهرام حول هذه الصناديق, وكيف يمكن تطويرها؟.. وجاء في التقرير أن الصناديق التي لها حسابات بالجنيه عن المصري المصري المركزي بالبنك المركزي تقدر بنحو4890 في الحساب الموحد, بينما يوجد620 صندوقا آخر بالعملات الاجنبية, ويصل إجمالي أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة المفتوحة لدي البنك المركزي ضمن حساب الخزانة الموحد نحو36.5 مليار جنيه( في نهاية يونيو2010), منها نحو10.7 مليار جنيه تخص وحدات الجهاز الإداري. ولكل حساب أو صندوق مجلس إدارة ورئيس مجلس الإدارة. ولا شك أن التوسع في إنشاء الصناديق الخاصة التي تنشأ خارج الموازنة العامة للدولة, جعل من الصعب حصرها أو مراقبة مصروفات العديد منها. وتتضارب الأرقام بخصوص الحسابات المستقلة والصناديق الخاصة, ففي حين يذكر الجهاز المركزي للمحاسبات أن عددها يتجاوز الـ6 آلاف, تذكر مصادر أخري أن عددها يتجاوز10 آلاف حساب وصندوق خاص. وفوق ذلك, فإن الرقم الحقيقي لها يبلغ نحو30 ألف حساب وصندوق خاص, نتيجة لأن تلك الحسابات والصناديق تنشأ عنها حسابات فرعية.
المحافظات والصناديق
والسؤال الآن: كيف تتعامل المحافظات مع الصناديق الخاصة؟
لنأخذ محافظة بني سويف كنموذج, ففيها صندوق واحد هو صندوق الخدمات.. هكذا قال لي محافظ بني سويف الأسبق الدكتور سمير سيف اليزل, وهذا الصندوق يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات, والمديرية المالية بالمحافظة.
ويسألني: هل تعلم أن ميزانية المحافظة في العام المالي2010-2011 بلغت100 مليون جنيه, وصلنا منها60 مليونا فقط, وقالوا لنا عليكم تدبير الـ40 مليونا من عائدات المشاريع التي تدخل صندوق الخدمة بالمحافظة؟!
فكرة ضم الصناديق الخاصة قديمة, لكنها حوربت أكثر من مرة.. هكذا قال لي المهندس أحمد الليثي محافظ البحيرة ووزير الزراعة الأسبق, وفي العادة تخضع مثل هذه الصناديق لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات, ففي كل وزارة أو هيئة أو شركة هناك ما يسمي بالصناديق الخاصة, حيث يجري تحصيل اشتراكات من العاملين بها, كما في صناديق جهاز الشرطة بإداراته المختلفة كالجوازات, وغيرها, وهي تصرف أموالا في صورة مكافآت لكل أعضائها بعد خروجهم إلي المعاش, وإن كانت هناك تجاوزات في بعض الصناديق, فلا ينبغي أبدا المساس بها جميعا, فليس من المعقول أن نتوقف عن استخدام القطارات بسبب حادث قطار, أو مجموعة حوادث, وإنما ينبغي أن نقوم بضبط المنظومة كاملة, وعلينا مواجهة أي تجاوزات مالية قد تحدث في هذا الشأن.
سلاح ذو حدين
ذهبنا للدكتور أنس جعفر والرجل له خبرة في صناديق الإدارة المحلية باعتباره كان محافظا لبني سويف, وله خبرة أيضا في الصناديق الجامعية باعتباره كان مسئولا عن فرع جامعة القاهرة ببني سويف قبل أن يصبح محافظا للإقليم ذاته, قبل أن تتحول إلي جامعة مستقلة.. قال لي الصناديق الخاصة هي سلاح ذو حدين: فوجودها مهم للغاية سواء في المحافظات أو الجامعات, لعدم قدرة الموازنات العامة علي تلبية كل الاحتياجات.. ففي الجامعة لا تكفي الموازنة, فيتم اللجوء إلي الصندوق الخاص لسد العجز.. وفي المحافظات الحال كذلك.. لكن تبقي المعضلة الأساسية التي يشكو منها البعض وهي أن يكون هناك إسراف في الإنفاق من عوائدها, أو عدم الرقابة الكاملة عليها, وإذا كان البعض يعتقد أن مثل هذه الصناديق لا تخضع للرقابة فهذا أمر غير صحيح.. لان لهذه الصناديق لائحة معتمدة, ومندوب من وزارة المالية للتوقيع مسبقا علي الشيكات, ومن ثم هناك رقابة سابقة ولاحقة من الجهاز المركزي للمحاسبات, لكن المشكلة أن هناك صناديق في بعض الجهات دون اعتماد من وزارة المالية, وبالتالي فهي بدون رقيب, مع أن جميع الوحدات ذات الطابع الخاص يجب أن تكون لها لائحة معتمدة من وزارة المالية, لان أموال هذه الصناديق هي أموال عامة بحكم القانون, والاعتداء عليها جريمة, وعلي ذلك يجب علي وزارة المالية القيام بحصرها, والتأكد من أن لديها لوائح معتمدة فيما يتعلق بأوجه الإنفاق, والصرف, والمبالغ المتاحة منها كمكافآت بحيث لا تتجاوز هذه المبالغ نحو10% من العائدات, وإن كانت نسبة المكافآت في بعض الصناديق تصل إلي50% منها, وذلك أمر يحتاج إلي وقفة حاسمة حفاظا علي المال العام..
الحل يبدأ من هنا
سألت الدكتور سمير عبد الوهاب: كيف يمكن الحد من سلبيات الحسابات المستقلة والصناديق الخاصة؟
- يجيب: يجب إدماج الحسابات المستقلة والصناديق الخاصة في الموازنة العامة للدولة, وضرورة إشراف الجهاز المركزي للمحاسبات عليها بشكل حقيقي وفعلي, ومراقبة أنشطتها ومواردها ونفقاتها وحساباتها المالية, والتأكد من أنها تتم وفقا لقواعد واحتياجات الموازنة العامة, وبعيدا عن الإسراف والبذخ, وسوء الاستخدام, وعدم فتح حسابات فرعية للصندوق في بنوك تجارية أو بعملات أجنبية, وإخطار البنوك التجارية بعمل حصر شامل للحسابات الفرعية للصناديق الخاصة, ووضع ضوابط وقواعد تخضع بمقتضاها هذه الحسابات والصناديق الخاصة للبنك المركزي, وضرورة وضع قواعد وضوابط تحدد نسبة ما يحصل عليه رئيس وأعضاء مجلس إدارة الحساب أو الصندوق وغيرهم من العاملين في شكل أجور ومكافآت, بما لا يزيد علي20% من قيمة الحساب.
في المقابل فإنه يجب إدماج الحسابات المستقلة والصناديق الخاصة في الموازنة العامة للدولة, وضرورة إشراف الجهاز المركزي للمحاسبات عليها بشكل حقيقي وفعلي, ومراقبة أنشطتها ومواردها ونفقاتها وحساباتها المالية, والتأكد من أنها تتم وفقا لقواعد واحتياجات الموازنة العامة, وبعيدا عن الإسراف والبذخ, وسوء الاستخدام, وعدم فتح حسابات فرعية للصندوق في بنوك تجارية أو بعملات أجنبية, وإخطار البنوك التجارية بعمل حصر شامل للحسابات الفرعية للصناديق الخاصة, ووضع ضوابط وقواعد تخضع بمقتضاها هذه الحسابات والصناديق الخاصة للبنك المركزي, وضرورة وضع قواعد وضوابط تحدد نسبة ما يحصل عليه رئيس وأعضاء مجلس إدارة الحساب أو الصندوق وغيرهم من العاملين في شكل أجور ومكافآت, بما لا يزيد علي20% من قيمة الحساب.
4 خطوات مهمة
وإذا كانت هناك نية لإحكام السيطرة علي هذا الملف الشائك, فإن الحل كما يراه إبراهيم يسري عضو الجهاز المركزي للمحاسبات يكمن في4 خطوات: الأولي أن يتم إلزام جميع البنوك التجارية والجهات الإدارية بالدولة بعدم مخالفة القانون رقم(139) لسنة2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم(127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية والذي تضمن( المادة30 مكررا) إلزام البنوك التجارية والجهات الإدارية بالدولة بتحويل ما لديها من حسابات خاصة تخص جميع الوحدات التابعة للجهاز الإداري للدولة إلي الحساب الموحد بالبنك المركزي, وان يتم ذلك علي وجه السرعة, وألا يستثني من ذلك أي جهة سيادية, أما الخطوة الثانية فتتضمن ضرورة مخاطبة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتكوين لجنة من الشرفاء بالجهاز المركزي للمحاسبات لفحص أعمال تلك الحسابات الخاصة وإصدار تقرير كامل شامل عنها يحدد عددها وقيمة إيراداتها ومصروفاتها وأرصدتها في نهاية العام المالي2011/2010 علي سبيل الحصر باستخدام البيانات التي ستتوفر بالحساب الموحد بالبنك المركزي والبنوك التجارية وذلك خلال الثلاثة أعوام السابقة حتي2011/6/30 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإحكام الرقابة علي أموالها وأن يتم تتبع المخالفات المالية ورقابتها وما تم بشأنها, وتقوم الخطوة الثالثة علي ضرورة إلغاء جميع القوانين والتشريعات المنشأة للحسابات الخاصة وحظر فتحها, و إدراج جميع بيانات الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص والحسابات الخاصة التي سيتم حصرها بالحساب الموحد بالبنك المركزي بالموازنة العامة للدولة لتكون الوعاء الوحيد للمالية العامة بمصر إعمالا لنصوص قانون الموازنة العامة للدولة ومبدأ شمولية وعمومية الموازنة العامة للدولة, وحتي يستطيع أن يأخذ صانع القرار في اعتباره حجم المخصص من تلك الموارد لهذه الأغراض, ومن ثم يقوم بتخصيص موارد الموازنة العامة للأغراض الأخري منعا للازدواج, لحماية المجتمع من الاستنزاف المستمر لتلك الثروات, وأخيرا ضرورة توفير الاعتماد اللازم للصرف علي الأغراض الصحيحة والسليمة والحقيقة التي كان يتم الإنفاق منها من الحسابات الخاصة, وحتي لا تتأثر تلك الأنشطة وأوجه الإنفاق المتعلقة بتلك الحسابات.

مصادر التمويل
تحصل الصناديق الخاصة على بعض مواردها من مصادر عدة من بينها تذاكر "التابعة للحى و المحليلت"  وتذاكر زيارة المرضي في المستشفيات الحكومية, وكارتة سيارات السرفيس, والمصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول علي بطاقة رقم قومي, ورخصة قيادة, ورخصة بناء, و ترخيص سيارة, و ترخيص محل تجاري أو ورشة أو مصنع, والمصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول علي خدمات توصيل وتركيب عدادات الكهرباء, والمياه, والغاز الطبيعي, والغرامات التي يسددها أصحاب المخابز, و الإتاوات المحصلة من مستخدمي المحاجر.




المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق