الاثنين، 2 أبريل 2012

العندليب .. أسرار تنشر لاول مرة



توءم الكفاح والألم والعبقرية والموت أيضا‏,‏ جمعهما موطن واحد‏(‏ محافظة الشرقية‏),‏ ووحدت بينهما ظروف الحياة القاسية واليتم وجدران الملاجئ الباردة‏ .

العندليب
 ومع ذلك لم تورثهما الظروف- بوابات الأمل وحمل مشعل النورعلي جناح نهرالإبداع الذي تدفق فنا راقيا بصدق التعبير وروعة التجسيد ليرفع المعاناة عن كاهل أبناء هذا الوطن, بينما صانع الأمل نفسه غارقا في غياهب وظلمات الموت البطئ... التوأم هما عبد الحليم حافظ وأحمد زكي. الأول بقامته النحيلة ووجه الشاحب جراء داء الكبد العضال ظهر مع مولد ثورة يوليو1952, ليصبح لسان حالها الذي جسد مفهوم الوطن أداء وموسيقي علي إيقاع الأغنية السياسية التي تدفقت بفعلها الدماء الحرة في عروق المصريين, والثاني هو أحمد زكي صاحب البشرة السوداء والشعر المجعد والعينين اللتين تلمعان بألق الموهبة, قد أحدث ثورة موازية في فن التجسيد الدرامي لشخوص ونماذج صارت أيقونات نادرة وعلامات بارزة في مسيرة السينما والتليفزيون والمسرح المصري.
لو كنت يوم أنساك.. إيه أفتكر تاني.. هكذا يردد الجمهور المصري حاليا ونحن معه علي ذات الدرب نغوص في ذكريات ومواقف ومفارقات في حياة نجمين سطعا في سماء الفن المصري وحفرا اسميهما بحروف من نور في سجل العظام والمبدعين من أبناء هذا الشعب الذي علم الإنسانية الحضارة منذ فجر التاريخ ومازالت تجري إبداعا صافيا بين ضفتي النهر العظيم, هيا بنا نغترف من رحيق موهبتهما زادا جديدا للأيام المقبلة عبر هذه شطور
{ أحمد فؤاد نجم يمنع لقاء حليم بسعاد حسني
كان شاعرنا الكبير أحمد فؤاد نجم وهو في طفولته زميل للعندليب الأسمر في ملجأ الأيتام, وبعد سنوات الملجأ الثماني افترقا الاثنان كل في طريقه, حليم أصبح نجما شهيرا, ونجم شاعت أشعاره في شوارع مصر وحواريها ورددها الجميع مع ألحان الشيخ إمام, وفي عام1972 أعجب عبدالحليم بسيناريو فيلم عرض عليه بعنوان وتمضي الأيام, ووجد فيه فرصة ليقدم فيلما شديد الرومانسية تلعب فيه سعاد حسني دور البطولة خاصة إنها النجمة الوحيدة في بنات جيلها التي لم تقف أمامه كحبيبة, ولكنها قامت بدور شقيقته في فيلم البنات والصيف, وكثير من الجماهير طالبوه من خلال رسائلهم بالعمل مع سعاد حسني, وما أثار حماسه أن الفيلم مأخوذ عن رواية غادة الكاميليا,وتوقع حليم للفيلم نجاحا لا يقل عن فيلمه الشهير والأخير أبي فوق الشجرة, وأخذ يبحث عن المخرج الذي يتولي إخراج هذا الفيلم, فأقترح عليه صديقه الدكتور حسام عيسي أن يعطي سيناريو هذا الفيلم الغارق في الرومانسية والميلودراما للمخرج يوسف شاهين, وسعد العندليب بهذا الاختيار خاصة أنهما لم يلتقيا من قبل في أي فيلم وكل منهما يحمل للأخر إعجابا شديدا, وحضر يوسف شاهين إلي منزل حليم وأستمع إلي القصة وأعجب بها جدا,وأخذ يعلق عليها وكعادته أخذ السيناريو قائلا إنه يعترض علي بعض الأشياء في السيناريو وسوف يقوم بتغييرها ورحب عبدالحليم بهذا, وطلب منه أن يذهب إلي الفيلا الخاص به في العجمي ليقوم بتعديل وتغيير ما يراه في السيناريو, لكن شاهين أجل الموضوع لحين إنتهائه من تصوير فيلمه الجديد العصفور, ومضت شهور قبل أن يرسل يوسف السيناريو المعدل إلي حليم وما إن بدأ العندليب يقرأ السيناريو ــ علي حد رواية الدكتور هشام عيسي الطبيب المعالج له وصديقه ــ حتي فوجئ أن جو أضاف للسيناريو شخصين هما أصدقاء البطل ولهم عليه أكبر التأثير أحدهما الشاعر أحمد فؤاد نجم والثاني الشيخ إمام, و لمعت في عيني حليم نيران الغضب وانطلق يمزق الصفحات قائلا مجنون... مجنون جايب لي اتنين شيوعيين يعلموني الوطنية!!, وانتهي الحلم الذي بدأت الصحافة تكتب عنه قبل أن يبدأ, ولم يخرج فيلم وتمضي الأيام للنور بسبب نجم وإمام.
{ حليم ينقذ شريف عامر مذيع الحياة اليوم من الموت
كانت تربط عبدالحليم حافظ علاقات صداقة كثيرة بعدد من نجوم الصحافة الشباب من هؤلاء الكاتب الصحفي في مجلة صباح الخير منير عامر,الذي انفرد بكتابة مذكرات العندليب في حياته وصدرت فيما بعد في كتاب بعنوان حياتي, وفي عام1971 رزق عامر بطفله الأول شريف الذي أصيب بعد ثلاثة أشهر من مولده بالتهاب رئوي حاد كان يهدد حياته واحتاج الأمر إلي مضاد حيوي غير موجود في مصر في ذلك الوقت, وكانت الحاجة ملحة وسريعة فكتب عامر القصة في مجلة صباح الخير, وبعد مدة لم تتجاوز اليوم الواحد فوجئ منير بمندوب الاستعلامات في دار روزاليوسف يسلمه طردا يحتوي علي الدواء المطلوب ومعه خطاب رقيق من عبدالحليم يتمني فيه الشفاء السريع للطفل الجميل شريف الذي أصبح اليوم مذيع مشهورا ويقدم برنامج الحياة اليوم.
{ عبدالناصر ينقذ حليم من صلاح نصر
كانت الأغاني الوطنية سببا في حب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لحليم حيث كان يعتبره ابنا من أبناء الثورة, لهذا وقف بجواره في كثير من المواقف لعل أشهرها عندما وضع تليفونه الرقابة وعرف حليم أن صلاح نصر مدير المخابرات المصرية وضع تليفونه تحت المراقبة وسبب له ذلك ألما شديدا وضيقا,وعندما علم عبدالناصر بهذا أمر برفع الرقابة, كما دعمه وسانده كثيرا بحضور حفلاته في أعياد الثورة حتي آخرها. ولم يقتصر الأمر عند ذلك فقط فعندما أثير موضوع الضرائب المستحقة عن أجور ومكاسب الفنانين اختار عبدالناصر حليم وعبدالوهاب لكي يناقشهما ويسمع آرائهم, ويومها تحدث حليم وشرح للرئيس موضوع الضرائب الباهظة الجزافية التي تقع علي الفنانين فأمر عبدالناصر بتخفيضها والتحقق من صحتها.
فضلا عن كل ذلك كان دائم السؤال عن صحة العندليب وكان كل ما يقابله يقول له عامل إيه يا حليم أن شاء الله تكون مبسوط وصحتك كويسة.



المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق