قبل الدخول
هواجس كثيرة وعلامات استفهام أكثر تجول فى الخاطر، هل يا ترى سيسمحون لى بالدخول أم لا لمجرد أننى لم أقدم طلبا القنصلية المصرية فى نيويورك لوضع اسمى ضمن قوائم الراغبين فى مقابلة الرئيس، من سيكون حاضرا فى اللقاء هل سيكونون على شاكلة المدعوين للقاء الرئيس المخلوع شعبيا محمد حسنى مبارك حيث كانت الأسماء معروفة سلفا والأسئلة التى ستسأل محددة ومعدة لأصحابها حتى لا يتم أى إعطاء فرصة لإحراج الرئيس أمام أبنائه وأمام وسائل الإعلام، هل هناك نية مبيتة من رجال مبارك الذين يعيثون فى أنحاء الولايات المتحدة لإحراج الرئيس الإخوان، والمبررات والملفات جاهزة من تمييز ضد المسحيين ومحاولة أخونة الدولة فى مقدمة لإقامة ثيوقراطية دينية على أنقاض دولة مبارك الاستبدادية. وغيرها من علامات الاستفهام الكثيرة التى ما فتئت تنساب فى عقلى، ولكن قطع انسيابها فى عقلى مظاهرة لمجموعة من الأقباط على الرصيف المقابل للفندق الذى سيستضيف اللقاء. لم يكن سهلا علىّ أن أتجاهل هذه المظاهرة رغم صغر عدد المشاركين فيها الذى لم يتجاوز الخمسين مسيحيا مصريا أتوا من عدد من الولايات الأمريكية لإعلان سخطهم ضد دولة الإخوان التى يرون أن الرئيس محمد مرسى وجماعته يؤسسان لها فى مصر، رافعين أيضا لافتات بمطالب محددة، استوقفتنى لافتاتهم التى تنوعت ما بين اعتبار تنظيم القاعد الذراع العسكرية للإخوان المسلمين ومطالبة الولايات المتحدة بوقف مساعداتها للإرهابيين فى مصر، كما قالت إحدى اللافتات التى رفعوها. لافتات أخرى طالبت بإطلاق سراح البير صابر ووقف التمييز فى تطبيق تهمة ازدراء الأديان فى إشارة إلى عدم ملاحقة من قام بحرق الإنجيل فى مصر ردا على الفيلم المسىء، كما طلبوا أيضا بمحاكمة خالد عبدالله وصفوت حجازى ووجدى غنيم، ومن اللافتات أيضا التى تم رفعها واحد ساوت بين الإخوان والحزب الوطنى المنحل. قضيت مع هؤلاء المتظاهرين بعض الوقت تحدثوا فيها معى أن من تمت دعوتهم فقط هم الإخوان، وأنهم كمصريين لهم الحق فى أن يقابلوا الرئيس، وكان هؤلاء كلما مر بجوارهم شخص يبدو عليه أنه سلفى أو منتمٍ للإخوان يبدأون فى الهتاف بسقوط حكم المرشد وسقوط حكم الإخوان، وحينما مرت فتاة محجبة بهم وحاولت تصوير اللافتات صرخت فيها إحدى المتظاهرات وطالبتها بعدم التصوير. المهم اقترب موعد اللقاء فكان لابد أن اصعد إلى القاعة المخصصة للقاء، عبرت الباب الرئيسى للفندق وصعدت إلى الطابق الثالث حيث اللقاء، فإذا بصف طويل ينتظر تأكيد الدخول والإجراءات الأمنية، فقلت ليست هناك فرصة للحضور خصوصا أننى لم أسجل رغبتى فى الحضور.
انتظرت طويلا حتى جاء دورى وأخبرت من يقوم بالتسجيل إننى لم أقدم طلبا لحضور اللقاء، فهل يمكن أن ادخل باعتبارى صحفيا، لم يبدِ هذا الشخص أى ممانعة بل على العكس سمح لى بالدخول. دخلت القاعة وتجولت حاولها محاولا استجلاء ماهية الحاضرين فإذا بهم من جميع الأطياف والأعمار، وكانت هناك عائلات أحضرت أولادها الصغار لمقابلة أول رئيس منتخب لهم. كان هناك أيضا عدد من مشايخ الأزهر والقسس، كما بدا من ملابسهم.
الجميع فى القاعة، التى امتلأت قبل قدوم الرئيس بما يقرب من الألف مصرى، سعيد يتبادلون أطراف الحديث انتظارا لقدوم الضيف الرئيس، وعندما أعلن أحد العاملين بالسفارة قدوم أول رئيس مصرى منتخب ضجت القاعة بالهتاف «بنحبك يا مرسى» وبدأ الجميع بصورة تلقائية بترديد النشيد الوطنى، ثم بدأ الهتاف مرة أخرى «ثوار أحرار هنكمل المشوار» «مسلم مسيحى إيد واحدة» «تحيا مصر» «الشعب خلاص اسقط النظام» «ارفع راسك فوق إنت مصرى» «ربنا يحميك يا ريس» وعندما هدأ الهتاف قليلا بدأت سيدة يبدو أنها مسيحية، وقالت موجهة حديثها للرئيس الذى لم يكن قد جلس بعد «لأقباط المهجر أثبت أنك رئيس كل المصريين»
وفى مؤخرة القاعة بدأ رجل فى الصراخ وتوجيه كلامه إلى مرسى «أنت رئيس كل المصريين» «أنت رئيس الفلاحين» «أنت هدية من السماء» ثم قامت إحدى الحاضرات التى لم يعجبها الهتاف للرئيس، وهتفت: «مش جايين نهتف لرئيس الشهيد هو العريس»، فحاول الحاضرون الذين لم يعجبهم هتافها إسكاتها، وقام أحدهم وقال إن الرئيس مرسى هو أول من حيا الشهداء.
وجاء الرئيس
بعد الحمد والثناء لله على الفضل الذى أنزله الله على مصر أعلن مرسى عن انه كان يتمنى أن يكون اللقاء فى الــ Convention Center ليحضر حوالى 20 أو 30 ألفا حتى يستطيع أن يقابل أكبر عدد ممكن من المصريين. وقد تناول مرسى فى لقائه الذى استمر ما يزيد على الساعتين والنصف عدد من القضايا المهمة والمطروحة على الساحة السياسية المصرية والتى تشغل ليس فقط مصريى الداخل، لكن المصريين فى الخارج أيضا. بدأ مرسى حديثه عن الأقباط، مؤكدا بأننا لسنا فى حاجة إلى طمأنتهم فهذا وطنهم، وليسوا فى حاجة إلى الطمأنة لأنهم أهل هذا الوطن ورفض وصفهم بالأقلية.
واعتبر مرسى أن الاختلاف موجود فى كل مكان الاختلاف سياسيا اجتماعيا وأحيانا عقائديا، لكن هذا الخلاف عند حده الأدنى فى مصر، مؤكدا أن أفضل من عمل معهم فى الجامعة كانوا مسيحيين، كما أكد مرسى معانى التعايش والبر وحرية الاعتقاد فلا إكراه فى الدين، واعتبر أن المشاكل بين المسلمين والمسيحيين هى من نتاج النظام السابق الذى اتبع مبدأ «فرق تسد»، واستشهد بأحداث مثل تفجير كنيسة القديسين وإنها كانت من صنيعة نظام مبارك، وقارن مرسى بين كمية وعدد الخلافات والاحتكاكات التى تحد فى مناطق كثيرة بالعالم وبين ما يحدث فى مصر، وهذه المقارنة تؤكد أن ما يحدث فى مصر صغير جدا مقارنة بالعالم.
ثورة ليست ملكا لأحد
ثم بعد ذلك انتقل مرسى للحديث عن الثورة، مؤكدا أنها ثورة تقودها أهدافها ثورة ليس ملك لأحد وأنه لا يمكن لأحد أن يدعى أن له فضل عليه، وانتقل للحديث عن الفساد خلال النظام السابق أهدر الكثير من ثروات مصر وهرب الكثير منها التى لا نعلم عنها الكثير.
وتطرق مرسى فى حواره إلى وضع المرأة المصرية مستنكرا حديث البعض عن أهدار حقوق المرأة المصرية، مقارنا وضع المرأة المصرية مع نظيرتها الأمريكية التى تتعرض للكثير من المضايقات والضغوط التى لا تتعرض لها المرأة المصرية، وان من تتفوق فى مصر تجد مكانها، من يحمل هموم المرأة المصرية هم المصريون وليس أحد آخر.
وعندما طالب البعض الرئيس بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور أكد الرئيس أنه ليس من حقه قانونا إعادة تشكيل الجمعية وأنه مثل جميع المصريين يترقب ما سوف تسفر عنه هذه اللجنة، وفى الوقت أكد أن اللجنة تمثل جميع أطياف الشعب المصرى فإن الخلاف فقط على نسبة تمثيل كل قوة سياسية.
وفى حديثه عن القوات المسلحة أكد الرئيس أن القوات المسلحة قامت بحماية الثورة وإنها أدارت المرحلة الانتقالى فى الوقت الذى كانت فيه قوى المعارضة تحاول البحث مساحات للتوافق والاتفاق، بالإضافة إلى أن القوات المسلحة لا تكن تملك الخبرة السياسية لذلك كان هناك قصور فى إدارة المرحلة الانتقالية، وأخيرا القوات المسلحة أوفت بعدها فى تسليم السلطة لرئيس منتخب، وجاءت قرارات 12 أغسطس لا لتكون ضد القوات المسلحة وإنما جاءت من أجل استكمال أهداف الثورة.
المعتقلون يا ريس
وبالنسبة لقضية المعتقلين أكد الرئيس أن الرقم الذى يتحدث عن أكثر من 12 ألف معتقل غير صحيح، مؤكدا أن عدد المعتقلين 2102 معتقل وتم الإفراج على الكثير منهم وما تزال اللجنة المختصة تدرس بقية الحالات وأكد الرئيس أنه لا يمكن أن يسمح بوجود مظلوم فى السجن فى عهده. وعن قضية عمر عبدالرحمن، أكد الرئيس أن عمر عبدالرحمن محبوس طبقا لحكم قاضٍ أمريكى. وأنه كان يعمل كل ما فى وسعه لمساعدة أهله لزيارته ولكن أحداث السفارة أخرت هذه الجهود. مؤكدا أنه يحترم القوانين الأمريكية تماما كما يطالب من أمريكا أن تحترم القانون والقضاء المصرى. وقد تطرق الرئيس إلى المظاهرات الفئوية معتبرا أن نسبة من يقومون بهذه المظاهرات قليل جدا مقارنة بمن يعملون هو قليل جدا، وقد أكد حرية التظاهر والتعبير، لكن دون تعطيل الإنتاج.
وعن الدور الذى يجب أن يلعبه المصريين فى الخارج لأجل مصر، طالب الرئيس إياهم بأن يعيشوا الوطن، وأن من يستطيع أن يخصص بعضا من وقت أو خبرته من اجل خدمة مصر فعليه أن يبادر ويتصل بالمسئولين. أيضا طالبهم باستثمار أموالهم فى مصر، فمجالات الاستثمار متعددة والضمانات موجودة، كما طالبهم بوضع مدخراتهم فى البنوك المصرية، وأخيرا أعلن أن الدولة بصدد فتح حساب بنكى من أجل دعم الاقتصاد المصرى لمن يستطيع أن يتبرع فيه. كما طالب المصريين فى الخارج بربط أبنائهم الذين ولدوا فى المهجر بالوطن الأم.
وأخير اختتم كلمته بالتأكيد على تقديره لدور المصريين بالخارج، واعدا إياهم بمزيد من التيسيرات لعملية مشاركتهم السياسية فى التسجيل والتصويت وغيرها من الأمور التى تسهل من مشاركتهم السياسية فى شئون مصر.
أسئلة من الجميع
ثم بعد ذلك أتيحت الفرصة للحضور للأسئلة دون قيود فتناولت الأسئلة العديد من الأمور التى تطالب بتسهيل مشاركة المصريين فى خدمة مجتمعهم على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمساهمة بخبراتهم التى راكموها فى الخارج، كما تناولت قضايا شائكة مثل قضية سيناء والنوبة وجامعة النيل وقد أجاب الرئيس عن جميع الأسئلة التى طرحها الحضور سواء تلك التى انتقدته أو التى كانت تطالبه بإجراءات وتسهيلات واضحة بصدر رحب وبروح فكاهة كانت فى محلها، ووقتها وبناء على معلومات أكد أنه يمتلكها حول كل هذه القضايا والملفات.
ومن أهم النقاط التى أكدها الرئيس فى لقائه هو الإصلاح المتدرج الذى لا يستدعى اتخاذ إجراءات استثنائية، لأنه لا يريد لثورة أن تنفذ أهدافها بإجراءات استثنائية، لذلك طالب المصريين بالصبر، فالإصلاح يحتاج وقت وأن نوسع صدورنا للنقد لأن من ارتضى العمل العام عليه أن يجعل صدره سبيلا للنقد.
فتح النار على قنصل مصر بنيويورك
وقبل أن يغادر الرئيس القاعة انتفض عدد من المصريين منتقدين وضع السفارة المصرية فى الولايات المتحدة وإنها لا تقوم بالدور المنوط بها فى خدمة المصريين وتسهيل رغبتهم فى خدمة وطنهم، وطالبوا بضرورة أن تطالها عملية التغيير والإصلاح، وانتقد البعض الآخر القنصل المصرى فى نيويورك، متهمين إياه بالفساد السياسى وأنه من الفلول.
الشروق
=======
------------
اقرأ أيضا
هل تعلمي!!
5 أنواع من أشهر الحميات الغذائية
قفشات السلفيين
الزفاف الأسطوري! أربع نصائح ذكية للحفاظ على بشرتك
واحدة من ثمان نساء ترى نفسها جذابة
الزفاف الأسطوري! أربع نصائح ذكية للحفاظ على بشرتك
واحدة من ثمان نساء ترى نفسها جذابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق