مبادرات "الأزهر" فى "الإنعاش".. "الإنقاذ" تنسحب.. الثوار لا يثقون فى جدواها.. وعبد الرحمن البر: لو التزمت القوى بوثائق الأزهر لكان الوضع أفضل.. وباسم كامل: تورط المشيخة فى السياسة يقلل من هيبتها
مبادرات "الأزهر" فى "الإنعاش".. "الإنقاذ" تنسحب.. الثوار لا يثقون فى جدواها.. وعبد الرحمن البر: لو التزمت القوى بوثائق الأزهر لكان الوضع أفضل.. وباسم كامل: تورط المشيخة فى السياسة يقلل من هيبتها
6 مبادرات أطلقها الأزهر الشريف منذ قيام ثورة 25 يناير، حاول فيها احتواء الأزمات السياسية والخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية التى ينتج عنها دوما نزيف للدم وسقوط الشهداء وتزايد أعداد المصابين.. وهنا يظهر دور الأمام الأكبر وممثلى الأحزاب فى مؤتمر صحفى تحتفى به جميع الوسائل الإعلامية والمواطنون للإعلان عن الوثيقة التى يوقع عليها المشاركون فى المبادرة، وما إن يرفع الموقعون أقلامهم عقب الإمضاء على الوثيقة، تظهر أحداث جديدة تقصى "الوثيقة" جانبا، وتعود الخلافات وأحداث العنف من جديد.. ليصاب الشعب الذى احتفى بالوثيقة بـ"الإحباط" مرة أخري.. والساعات الماضية أبرزت انهيار وثيقة "نبذ العنف" عقب أحداث الاتحادية والاعتداء على المتظاهرين وسحل أحدهم، بخلاف تلويح جبهة الإنقاذ الوطنى بالانسحاب، منها ورفض الحوار قبل وقف نزيف الدم.
وبالتعرض لدور الأزهر الفترة الماضية، نجد أن الأزهر أطلق 6 وثائق، وأخرى لم تخرج إلى النور خاصة بالمرأة، كانت عبارة عن مبادرات يطلقها الأزهر تنتهى بعد اجتماعات إلى وثائق تكون فى الأساس استرشادية وليست ملزمة لأى طرف.
الوثيقة الأولى حملت اسم "وثيقة الأزهر حول مستقبل مصر"، وتحديدا فى 19 يونيو 2011، حيث اجتمعت مجموعة من المثقفين المصريين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية مع عدد من كبار المفكرين فى الأزهر الشريف، وتدارسوا مقتضيات اللحظة التاريخية التى تمر بها مصر بعد أحداث ٢٥ يناير، وأهميتها فى توجيه مستقبل مصر نحو غاياته النبيلة وحقوق شعبها فى الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتوافق المجتمعون على ضرورة تأسيس مسيرة الوطن على مبادئ كلية وقواعد شاملة تناقشها قوى المجتمع المصرى لتصل فى النهاية إلى الأطر الفكرية لقواعد المجتمع ونهجه السليم.
وشارك فى تلك الوثيقة عدد من المثقفين المصريين منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور صلاح فضل، والدكتور محمد صابر عرب، والدكتور محمد كمال إمام، والدكتور جابر عصفور، والدكتور عبد المعطى بيومى، حيث بلغ عدد المشاركين فى صياغة تلك الوثيقة، 31 شخصية.
وتم طرح تلك الوثيقة على القوى السياسية والوطنية والدينية فى اجتماع عقد فى 18 أغسطس 2011، ووافقت القوى السياسية عليها بالفعل، حيث حضرت الكنائس الثلاثة فى وجود الراحل البابا شنودة، كما حضر الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى والسيد البدوى والدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان، والدعوة السلفية، وتم التوافق على أن تكون تلك الوثيقة استرشادية لوضع الدستور المصرى.
وتضمنت بنود الوثيقة دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد إطار الحكم، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب، بما يتوافق مع المفهوم الإسلامى الصحيح، حيث لم يعرف الإسلام لا فى تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف فى الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التى تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية فى بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساس للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية فى قضايا الأحوال الشخصية.
وفى 31 أكتوبر من عام 2011 أطلق الأزهر وثيقته الثانية لدعم إرادة الشعوب العربية، والتى احتوت على ستة بنود، منها أن تعتمد شرعية السُّلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية على رضا الشُّعوب، واختيارها الحرّ، من خلال اقتراع عَلَنِى يَتمُّ فى نزاهة وشفافية ديمقراطية، باعتباره البديل العصرى المنظِّم لما سبقت به تقاليد البَيْعَة الإسلامية الرّشيدة، وطبقًا لتطوُّر نُظُم الحكْم وإجراءاته فى الدّولة الحديثة والمعاصرة، وما استقرّ عليه العُرف الدستورى من توزيع السُّلُطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والفصل الحاسم بينها، ومن ضبط وسائل الرّقابة والمساءلة والمحاسبة، بحيث تكون الأمّة هى مصدر السُّلطات جميعًا، ومانحة الشرعية وسالبتها عند الضرورة.
كما أطلق الأزهر الشريف فى الثامن من يناير لعام 2012 وثيقته الثالثة وتوافقت عليها جميع القوى والتى حملت عنوان "عن منظومة الحريات الأساسية"، والتى حوت أربع حريات وهى حرية العقيدة وحرية الرأى والتعبير وحرية البحث العلمى وحرية الإبداع الفنى والأدبى.
وفى 11 يناير 2012 جمع الأزهر الشريف فى رحابه جميع القوى السياسة والوطنية والدينية، وذلك فى مبادرة أطلق عليها "نحو استعادة روح وقيم الثورة المصرية واستكمال أهدافها"، انتهت بإعلان وثيقته الرابعة، حيث أعلن الأزهر حينها عددا من البنود نحو الحفاظ على سلمية الثورة، بعد أن كان الخوف يسيطر على الشارع المصرى من تكرار الحوادث التى أعقبت الثورة فى عام 2011، فدعا الأزهر إلى هذا الاجتماع ليجمع جميع الأطياف على كلمة سواء وليمر العيد الأول للثورة بدون ما يعكر صفو الاحتفالات.
وأصدر ممثلو القوى الوطنية والأحزاب السياسية التى شاركت فى لقاء "استعادة روح الثورة"، بيانا يؤكد على ضرورة استكمال أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، والتوافق الوطنى على رعاية كل مكونات هذا الوطن، "دون غلبة أو هيمنة أو إقصاء أو انحياز".
وأعلنت تلك القوى فى حينها التزامها بالحفاظ على "روح ميدان التحرير"، كما كانت خلال الأيام الثمانية عشرة، التى غيرت مجرى التاريخ المصرى، وجمعت كل أبناء الوطن على كلمة سواء".
كما استنكروا مثول المدنيين أمام المحاكمات العسكرية، وأكدوا حق المواطن الدستورى فى محاكمته أمام قاضيه الطبيعى، ومنع المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وطالبوا بسرعة المحاكمات بما لا يخل بحرمة الحق ومقتضى العدل وواجب النزاهة، كما أكدوا ضرورة استكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين فى العلاج، والتعويض والعمل والرعاية التامة، والمضى فى البناء الديمقراطى لمؤسسات الدولة، وإتمام تسليم السلطة للمدنيين فى موعده المحدد دون إبطاء، والالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات النزيهة الحرة من نتائج، والتعاون بين شباب الثورة جميعًا وممثلى الشعب المنتخبين فى بناء مصر المستقبل، تحت مظلة الديمقراطية وعلى أساس من الشرعية البرلمانية والتوافق الوطنى.
وفى 15 فبراير من عام 2012 أصدر الأزهر الشريف وثيقته الخامسة حول القدس، وذلك فى افتتاح المؤتمر العام لنصرة القدس، الذى عقد بمشيخة الأزهر، لحشد الجهود لإطلاق "الحملة الدولية الكبرى لكسر الحصار عن القدس والمقدسيين".
وفى 31 يناير أصدر الأزهر الشريف وثيقته السادسة "لنبذ العنف"، حيث استطاع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، جمع الفرقاء على الساحة السياسية والوطنية بمصر لبحث الخروج من الأزمة، وهو ما لم تستطعه رئاسة الجمهورية، خاصة بعد تزايد وتيرة العنف فى البلاد.
وكل تلك الوثائق التى أصدرها الأزهر الشريف كانت عبارة عن وثائق استرشادية وليست إلزامية، ما أفقدها قيمتها الحقيقية، وذهبت أدراج الرياح، وذلك لأن الأزهر ليس جهة تنفيذية، الأزهر الشريف نجح فقط فى جمع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة، ولكن عندما ننظر إلى النتائج نجدها سلبية، فمنذ الوثيقة الأولى للأزهر أكد المجتمعون حينها أنها بداية لحوار مجتمعى وكان هذا عقب الثورة بشهور قليلة وبعد مرور عامين على الثورة، نجح الأزهر فى جمع الفرقاء، وأكدوا أيضا أنها خطوة نحو حوار مجتمعى.
ويقول الدكتور عبد الرحمن البر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين، إن الأزهر يصدر وثائق ويوقع عليها الأطراف، وهى التى تسأل لماذا لم تلتزم؟، فالأزهر ليس هيئة تنفيذية ولا يملك قوة لإجبار أحد، إنما هذا الدور القوى للأزهر من خلال موقعه الكبير بقلوب المصريين، وهو الذى يدفعهم إلى القبول بالاقتراح الذى يقدمه الأزهر.
وأضاف البر لـ"اليوم السابع": "المفترض على كل القوى السياسية التى وقعت على وثائق الأزهر، أن تكون ملزمة أدبيا وأخلاقيا أمام الشعب، وعلى أى حال فإن تلك الوثائق ليست ملزمة لأنها ليست قانونية، ولكنها ملزمة أدبيا وأخلاقيا، وهذا دور الشعب أن يبين للقادة السياسيين الذين يوقعون على وثائق ولا يلتزمون بها، بأن هذا أمر غير مقبول، وفى النهاية هو التزام أخلاقى وقيمى والذى يتخلى عنه ينكشف أمام الشعب".
وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، عضو جبهة الإنقاذ الوطنى، إن الأزهر الشريف ليس له دور سياسى مباشر، ولا ينبغى أن يلعب هذا الدور، مضيفاً: أن الأزهر يلعب حالياً دوراً وطنياً عاماً، سواء بالتدخل فى القضايا الوطنية الهامة التى يختلف فيها المصريون، أو للتقريب بين القوى المختلفة بالدعوة لمبادرات تحقيقاً للتوافق والتقارب بين وجهات النظر المختلفة.
وأضاف عضو جبهة الإنقاذ الوطنى لـ"اليوم السابع"، أن الأزهر لما له من ميراث وطنى على مر العصور، فإنه يلعب دورا هاما فى مواجهة الانقسامات الخطيرة بين التيارات السياسية المختلفة، خاصة التى تحتاج التعامل معها بحكمة، مؤكداً أن فعالية دور الأزهر لا تقتصر على تاريخه وميراثه الوطنى فقط، ولكن ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقابلية الأطراف السياسية التى تقوم بالدور السياسى المباشر لمبادراته.
وشدد عبد المجيد، على ضرورة، أن يبذل لأزهر جهده فى إطار تفعيل المبادرات لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية، رغم عدم وجود ضمانة لتحقيق نتائج، خاصة أن مبادرات الأزهر غير ملزمة لجميع الأطراف السياسية، مستشهداً بوثيقة الأزهر التى صدرت فى شهر يونيه 2011.
وأوضح أن سبب زيادة دور الأزهر فى المرحلة الحالية، هو عجز السلطة الحاكمة عن حل المشاكل الرئيسية والمتفاقمة بالبلاد، وعزوفها عن إجراء حوار جاد وبناء، بالإضافة إلى عدم قدرة المعارضة على تشكيل ضغط قوى يجبر السلطة للتحاور معها بشكل أكثر جدية.
وأشار عبد المجيد، إلى أن مبادرة الأزهر الحالية لوقف العنف، تعبر عن موقف أخلاقى، أما المستوى السياسى فلا يوجد بها آليات محددة لكى يكون هناك حديث عن مستقبلها، مؤكداً أن مستقبل تلك المبادرة يتوقف على إيجاد الأزهر لآليات فعالة لإقناع السلطة بتغيير طريقة تعاملها مع الحوار الوطنى الذى تعتبره حوارا "فلكلوريا" أو "مكلمة"،حسب تعبيره، للتعبير عن الآراء المختلفة دون الوصول إلى حلول جادة للأزمات التى تمر بها البلاد.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد الله المغازى، أستاذ القانون الدستورى، المتحدث الرسمى باسم حزب الوفد، إن الأزهر الشريف يحتفظ بكيانه كمؤسسة دينية وما يلعبه الآن ليس دوراً سياسياً، ولكنه دور وطنى لنبذ الخلافات والعنف، وذلك استناداً إلى ما يتمتع به الأزهر من تأثير إيجابى فى نفوس المصريين عامة، سواء الساسة بمختلف انتماءاتهم أو جموع الشعب المصرى، بالإضافة إلى أن الأزهر يحتفظ بمكانة كبيرة فى قلوب المصريين، على الرغم من محاولات التيار الدينى لتهميش دوره، ومحاولته السيطرة على مؤسسة الأزهر والنيل منه استقلاليته كونه مرجعية وسطية للإسلام لدى كل المصريين.
وأضاف لـ"اليوم السابع"، أن ظهور دور الأزهر القوى فى الفترة الحالية يعود إلى ضعف السلطة الحاكمة، وفقدان المعارضة الثقة فى النظام، لافتاً إلى أنه فى ظل تلك الظروف كان لا بد من وجود دور قوى تلعبه إحدى مؤسسات الدولة المؤثرة التى تلقى ترحيب وتأييد من الجميع لشغل الفراغ القائم بين النظام والمعارضة، مؤكداً أن هذا ما أتاح الفرصة للأزهر أن يلعب هذا الدور، رغم حالة الإحباط التى تسيطر على المعارضة للوصول لنقطة حوار جاد مع النظام.وأكد المتحدث الرسمى باسم حزب الوفد، أنه رغم مكانة الأزهر فى نفوس المصريين، وتأييد جميع الأحزاب بجبهة الإنقاذ لمبادرته الأخيرة لإدانة ورفض العنف، إلا أن المبادرة مستقبلها ضعيف، وذلك لوجود محاولات متعمدة ومدفوعة الأجر لتشويه صورة الجبهة، وإحباط وثيقة الأزهر.
وأوضح المغازى، أن نفس الفصيل الذى يسعى لإحباط وثيقة الأزهر، يحاول أيضاً إحباط مبادرة حزب النور وجبهة الإنقاذ، وذلك لما يشعر به هذا الفصيل من حالة رعب شديد أن يكتمل التواصل بين التيار السلفى ممثلا فى حزب النور، وجبهة الإنقاذ، محاولاً حرق حزب النور بإيهام أنصاره ومؤيديه، بأن النور وضع يده فى أيدى المخربين والمشجعين على أحداث العنف، ممثلين فى جبهة الإنقاذ.
وأوضح المغازى، أن سبب الحفاوة التى يقابل بها الشعب المصرى والساسة أى مباردة من الأزهر أو المؤسسة العسكرية دون باقى المؤسسات، ما عرفت به تلك المؤسسات باحترام كلمتها، وتمتعها بحب جم واحترام ومكانة أدبية داخل نفوس كل المصريين.
بينما أكد المهندس باسم كامل، نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى، رفضه أن يلعب الأزهر الشريف أو الكنيسة أى دور سياسى، موضحاً بأن ذلك يورط الأزهر أو الكنيسة فى العمل السياسى، ما سيقلل من هيبتهما كمؤسسات دينية.وأضاف نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى لـ"اليوم السابع"، أن الأزهر يلعب دوراً وطنياً ومجتمعياً فى إطلاق المبادرات، وتهدئة الأوضاع ولم الشمل، باعتباره المرجعية الدينية التى يحترمها ويوقرها جميع المصريين، مشدداً على ضرورة أن يحافظ الأزهر على حدود هذا الدور.
وأوضح عضو مجلس أمناء التيار الشعبى، أن الممارسات السياسية للنظام الحاكم قطعت كل خيوط وسبل الحوار مع المعارضة، لافتاً إلى أنه كان من الضرورى أن تظهر مؤسسة قوية لربط تلك الخيوط وتمهيد الطريق لحوار وطنى جاد، وهو ما قام به الأزهر الشريف، قائلاً: ولكن مهما حاول الأزهر فإن النظام فاقد لشرعيته، وليس لديه القدرة على كسب ثقة الشارع والمعارضة مرة أخرى.
وأشار كامل إلى أن مبادرة الأزهر لوقف العنف، أصبحت هى والعدم سواء، فى ظل دولة تمارس العنف ضد مواطنيها ولا تفى بأى وعود، مستشهداً فى ذلك بأعمال العنف التى مارستها قوات الأمن ضد المتظاهرين فى محيط قصر الاتحادية، والتى تم سحل مواطن خلالها، ووقوع العديد من الإصابات.
وقال كامل، إن استقبال مبادرة الأزهر بحفاوة من قبل الساسة والشعب المصرى، وكذلك مبادرات القوات المسلحة، سبب للثوابت لدى الشعب المصرى التى يقدرها ويحترمها، لافتاً إلى أن تبنى الأزهر لمبادرة وقف العنف انعكست بحالة من التفاؤل الكبير لدى جموع الشعب وأملهم بأن تنجح تلك المبادرة.
فيما أكدت الدكتورة هالة مصطفى، الباحثة السياسية بمركز الأهرام الاستراتيجى، أن الأزهر مؤسسة عريقة لها ثقل معنوى كبير فى نفوس المصريين، وهذا ما يجعل أى مبادرة من الأزهر لها معنى، وتستطيع أن تجذب إليها قطاعات واسعة من الشعب المصرى والعديد من القوى السياسية أيضا، ويضاف إلى ذلك شخصية شيخ الأزهر الحالى والتى تساعد على التفاف القوى السياسية حوله مما يعطى دفعة خاصة لدور الأزهر.
وأضافت الباحثة السياسية لـ"اليوم السابع"، أن مبادرة الأزهر التى نادت بوقف العنف، جاءت متأخرة، قائلة: إنها ليست مبادرة بالمعنى المفهوم، ولكنها دعوة جاءت من الأزهر لجميع الأطراف والقوى والحركات والأحزاب السياسية بغرض ضبط النفس، لافتة إلى أن تأثيرها على الجميع تأثير وقتى ولحظى، وأن المبادرة لم تمنع اندلاع المظاهرات وأعمال العنف التى حدثت بعدها مباشرة فى جمعة الخلاص بمحيط قصر الاتحادية، وميدان التحرير.
وأشارت مصطفى، إلى أن الأزهر له مكانة خاصة، بغض النظر عن النظام الحاكم سواء فى السابق أو النظام الحالى، لما له من مكانة رمزية إقليمياً وعالمياً، ولكن تعرض دوره السياسى فى الفترة الأخيرة لكثير من الجدل بحكم المواد التى أضيفت لعمله فى الدستور الجديد، والتى نصت على دور سياسى لهيئة كبار العلماء، حتى وصفه الكثيرون بأنه أشبه بنظام تشخيص مصلحة النظام فى إيران، بمعنى وجود مرجعية دينية تعلو المؤسسات والرئيس، ما جعله محل خلاف من القوى السياسية، لأنه يدخل الأزهر كطرف أصيل فى الصراعات السياسية.
واعتبرت مصطفى، أن المحك الرئيسى فى تحديد دور الأزهر ومرجعيته ومكانته المستقبلية هو شخصية شيخ الأزهر التى من الممكن أن تحدث خلافاً وجدلاً كبيراً حول مكانة الأزهر فى الفترة القادمة فى حال تغيير شيخ الأزهر، بحيث تحدد انتماءات الشيخ القادم مدى مصداقية ومكانة الأزهر، وذلك فى حال تغييره بشخصية متشددة تعبر عن فصيل معين مثل الجماعة السلفية أو تعبر عن جماعة سياسية بعينها مثل جماعة الإخوان المسلمين، موضحة أن الجميع فى الوقت الحالى يلتف حول الأزهر الوسطى والذى يعبر عنه شيخ الأزهر الحالى بعدم انتمائه لفصيلة معين.
وأكد الدكتور يسرى عبد المحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن ثقة المصريين بمؤسسة الأزهر ترجع إلى موروث ثقافى منذ قديم الأزل على اعتبار أن الأزهر منارة إسلامية جامعة تسير بالاعتدال والوسطية وبعيدة كل البعد عن الساحة السياسية، وأن تكون داخل حلبة الصراع السياسى، لافتاً إلى أن هذا ما يدعو المصريين للالتفاف حول أى مبادرة أو دعوة يقوم بها الأزهر، مشيرا إلى أنه بعيد عن الاستقطاب السياسى بواسطة أى فصيل من الفصائل السياسية، ولم يخرج إطلاقا عن مساره واعتداله.
وأضاف عبد المحسن لـ"اليوم السابع"، أن سبب فشل المبادرة الأخيرة التى أطلقها الأزهر، وأنها لم تؤت بالثمار المرجوة منها، أن الدعوة لم توجه لجميع الأطراف المعبرين عن الشعب المصرى، واكتفت ببعض الرموز السياسية، بالإضافة إلى أن التوقيت جاء متأخراً بعد سقوط قتلى وجرحى، خاصة فى بورسعيد.
واعتبر عبد المحسن، أن حديث شيخ الأزهر لكبار السن فقط، يُفقده شريحة كبيرة من الشباب، متسائلاً عن عدم وجود الدعاة الشباب على الساحة الآن ومنهم الداعية عمرو خالد رئيس حزب مصر، رغم ما تمر به البلاد من أحداث، قائلاً: "إن شخصية شيخ الأزهر محبوبة، ولكن للأسف ليس لها صدى عند الشباب، ولن تستمر تلك المبادرات إلا لو انضم الرئيس محمد مرسى، إلى جانب شيخ الأزهر وظهرا سوياً عبر وسائل الإعلام المختلفة مع مشاركة رموز القوى السياسية.
وأشار عبد المحسن، إلى أن ضعف مؤسسة الرئاسة فى "لمِّ الشمل" أدى إلى استعداد المواطنين لتقبل مثل هذه المبادرات، وبالأخص لأى مبادرة تقوم بها المؤسسة العسكرية، لأنها لم تنحز لأى فصيل سياسى، مؤكداً أنه ما زال هناك احتياج نفسى لدى المصريين للمؤسسة العسكرية، الذين يعتبرون أنها آخر ورقة يمكن الاعتماد عليها، وأن تكون الملاذ الآمن الذى يحتضن شعب مصر عند حدوث الكارثة، قائلاً: "فى أحلام اليقظة عند المصريين يحلمون بأن يكون هناك حالة انقلاب عسكرى يعود بالبلاد إلى حالة الانضباط فى الشارع، بشرط أن يكون هذا الانقلاب مؤقتا يتم بعده تعيين مجلس رئاسى مؤقت حتى تستتب الأمور وتنتقل السلطة إلى حاكم مدنى.
المصدر اليوم السابع
=======
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق