الأحد، 12 فبراير 2012

"كلمة" يصدر "الكتب الممنوعة" لـ"ماريو إنفليزى"


صدر عن مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للثقافة والتراث الترجمة العربية لكتاب "الكتب الممنوعة" من تأليف الكاتب الإيطالى ماريو إنفليزى ونقله للعربية المترجمة وفاء البيه.ويهدف الكتاب إلى تقديم ملخّص إجمالى لتاريخ الرقابة على المطبوعات فى الحضارة الغربية، متتبّعاً المسار الشائك لحرية التعبير عن الرأى، وأنواع الرقابة المسلَّطة على الكتب والكتّاب، بما فيها من قيود على النشر بكافة أنواعه، وإذ يتناول المؤلّف بالدراسة والمعالجة نشأة الرقابة، وإعداد قوائم الكتب المحظورة، ودور محاكم التفتيش حتى بزوغ شمس عصر التنوير، فهو يبرز جلياً دور اللاهوت فى ذلك، فضلاً عما أنتجته المعرفة من أدوات ومؤسسات تولت شأن الرقابة أيضاً.وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول، يقدم الفصل الأول تاريخ الرقابة الذى يرتبط بظهور قوة الكتاب المطبوع جلية، واضحة، وقدرته على الانتشار بيسر فائق بين أفراد الشعوب المختلفة، والذين كانوا بمنأى فى الماضى عن الثقافة المكتوبة. غيرت الطباعة، وقيام نظام تجارى سرعان ما امتد إلى أطراف أوروبا كلها، من ظروف التلاقح الفكرى، فزادت كميات وعمليات الإصدار المطبعى، وتحولت بعض مدن أوروبا إلى مراكز للنشر يقصدها الناشرون والمؤلفون والقراء، ولقد أثار ذلك قلق الكنيسة فسعت إلى إقرار مبادئ عامة لرقابة استباقية يخضع لها الإنتاج الأوروبى المطبوع كله.ويتناول الفصل الثانى قوائم الكتب الممنوعة التى أعدّها أساتذة اللاهوت، ورعتها محاكم التفتيش، والتى شملت مطبوعات ذات انتشار واسع ولا تتعارض فى شىء مع القضايا اللاهوتية الشائكة، وامتدّ الجدل إلى شرعية قراءة التوراة بين العامة، كما دخل العلم، والأدب حيز عمل المراقبين، وتعرضت بعض أكثر المؤلفات الأدبية شهرة إلى التحريف على يد المنقّحين المشهورين، وتشير أدوات الرقابة الرسمية كالقوائم والمراسيم إلى مدى الاضطراب الذى شهده المشهد الثقافى والاجتماعى فى النصف الثانى من القرن السادس عشر.ويعرض الفصل الثالث لحدود الرقابة، وإصرار كنيسة روما على تطبيق خطة شديدة الإحكام للتأكد من تطبيق القائمة والحفاظ على الخصائص المركزية، مما استدعى إعداد مشروع لجلب كل قوائم الكتب المحظورة، التى جمعها المحققون إلى روما، وكل قوائم كتب مكتبات الطوائف الدينية المختلفة مما شكل مشهداً عاماً ثرياً لقراءات رجال الدين والدومينيكان واليسوعيين. ويشير المؤلف إلى عدم قدرة المحكمة المقدسة على إقامة رقابة فعلية على تداول الكتب المحظورة، وندرة محاكمة الأشخاص الذين وجدت فى حيازتهم تلك المؤلفات.ويتناول الفصل الأخير القرنَ السادسَ عشر بالتركيز، حيث اشتدت الرقابة والنشاط الرقابى، اللذان تتم ممارستهما عبر قنوات تشريعية صارمة. إذ بلغ التعاون بين محكمة التفتيش وجامعتى سالامانكا وألكالا، اللتان كانتا تتوليان مهمة تحديد الهرطقة، مداه، ثم اتجه عمل محاكم التفتيش بعد ذلك إلى التعويل على ذاتها. وفى الأعوام الأخيرة من القرن السادس عشر، كانت الممارسات الرقابية قد تجاوزت كل حد، حيث خضعت للمراقبة مؤلفات باللهجة الشعبية، وأعمال دينية شعبية، وكتابات أكاديمية، وعلمية.لكن فى أعقاب ذلك – ووفقا للمؤلف - حصل سعى الدولة لفرض سلطتها على المطبوعات، ومع ذلك ما انهارت الرقابة كلياً وإنما تراخت شدتها مما كان يعنى -بشكل جوهرى، وفى كل الدول تقريباً- انفراجاً واضحاً فى الحيز الرقابى رافقه انتشار للسوق السوداء للكتاب، فتراجعت القوة القمعية للمحكمة المقدّسة، وانضمت الكنيسة، خلال ولاية البابا بيندكتوس الرابع عشر، إلى دعاوى الإصلاح الاجتماعى الخاصة بعصر التنوير. غير أن ذلك الانفراج النسبى فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر، المتسم بطابع رسمى، غالباً ما أثار فى نفوس القراء الملل أو الرفض، حيث انتشرت حشود المتعالمين، والكتب السيئة المطبوعة تحت الموافقة والامتياز الملكى، مما حمل الجمهور إلى توجيه النظر صوب نواحٍ أخرى، صوب ما يبدو من بيانات النشر قادراً على استدعاء غير المألوف، والمخالف للقواعد.ويؤكد الكتاب أنه ورغم التطورات الحاصلة بشأن تراجع الرقابة فى أوروبا لم يتم إقرار حرية النشر رسمياً إلا مع صدور "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" فى باريس فى 26 أغسطس عام 1789م، الذى تضمّن أن "تبادل الفكر الحر، والآراء، أحد حقوق الإنسان الأكثر تقديراً، ويحق لكل مواطن أن يتحدث ويكتب وينشر بحرية كاملة فى ما عدا ما يُعد تجاوزاً، وفقاً للحالات التى نصت عليها القوانين".الكتاب من تأليف ماريو إنفليزى، وهو أستاذ جامعى وباحث إيطالى يدرس فى جامعتى ميلانو والبندقية، ويتولى فى الوقت الحالى منصب كرسى تاريخ الطباعة والنشر. اهتم طويلاً بقضايا الرقابة على المؤلفات، وتداول المطبوعات فى أوروبا الحديثة، ونشر فى هذا الصدد العديد من الدراسات والأعمال من بينها "صناعة النشر فى البندقية فى القرن الثامن عشر" (ميلانو 1989)، ويعكف حالياً على كتابة تاريخ الإعلام السياسى.المترجمة هى وفاء عبد الرؤوف البيه، أستاذة الأدب الإيطالى الحديث فى كلية الآداب، فى جامعة حلوان. لها العديد من الدراسات المنشورة، سبق لها وأن ترجمت رواية "المسيح توقف عند إيبولى" لكارلو ليفى 2010، ورواية "أنطونيو الجميل" لفيتاليانو برانكاتى 2010.





المصدر : اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق