الثلاثاء، 17 أبريل 2012

حــلم دولـة الخــــلافة


انتشرت في الأيام الأخيرة ملصقات علي جدران المنازل وأسوار الكباري تطالب بدولة الخلافة ولا أحد يعلم من وراء هذه الملصقات‏.
هل جماعات دينية أم آخرون يريدون الإيهام بأن الإسلاميين وراء هذه التوجهات في هذه الظروف التي تمر بها البلاد.. وعلي جانب آخر هل الظروف الدولية والإقليمية والداخلية تجعل فكرة دولة الخلافة حقيقة أم سراب.
يقول الدكتور مصطفي كامل السيد( أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة): الدعوة لإقامة دولة الخلافة الآن وراءها جماعات دينية أعتقد ليس من بينها الإخوان لأنهم في الجمعية التأسيسية طرحوا مشروع دستور ليس به دولة خلافة وبالتالي فهي مقولة لاتحمل أي جدية.
وإقامة دولة خلافة أمامها عقبات كبري أهمها إزالة الحدود بين الدول الإسلامية واتفاق كل هذه الدول, ذلك لإقامة خلافة تضم كل المسلمين, وثانيا لاتوجد دولة قوية عسكريا تستطيع السيطرة علي الدول الأخري ولاحتي هذه القوي الأخري ستقبل التنازل عن حدودها لمصلحة إقامة الخلافة في مصر.

وفوق ذلك هناك دولة عربية لاتوجد بها جماعات وقوي إسلامية تتبني هذه الفكرة, حتي إن القوي الإسلامية بمصر مثلا لايوجد توافق بينها وبين القوي الإسلامية في السودان علي سبيل المثال, بل هناك خلافات, بل إن وجود حركات إسلامية في أكثر من دولة عربية لايعني وجود اتفاق بينها.
إذن الحديث عن دولة خلافة مجرد حلم يستحيل تطبيقه, وفي الوقت الذي نجد فيه القوي الكبري تتفق فيما بينها لأنها تدرك أن مصالحها تتطلب ذلك نجد الدول الإسلامية ومنها مصر ليس بينها اتفاق ولا رأي موحد.
وعن تاريخ دولة الخلافة يقول الدكتور عطية القوصي( أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة القاهرة): الخلافة ظهرت بعد وفاة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ مباشرة لم يحدد القرآن ولا النبي تصلي الله عليه وسلم ـ من يخلفه في لم شمل الدولة الإسلامية, فقد ترك الأمر شوري بين المسلمين لمواجهة المشكلة في اختيار من يقود الدولة وبعد الاجتماع اتفقوا علي اختيار أبي بكر الصديق كخليفة ورضي به المهاجرون والأنصار وتمت المبايعة وألقي خطبته التي أوضح فيها الطريقة التي سوف يسير عليها في الحكم.
وبعد عامين توفي الخليفة أبوبكر الصديق وذهبت الخلافة الي ثاني الراشدين الفاروق عمر بن الخطاب ومن بعده عثمان بن عفان ثم الإمام علي بن أبي طالب, ثم انتقلت دولة الخلافة الي الأمويين علي يد معاوية بن أبي سفيان الذي حولها الي دولة ملكية وراثية كما كانت قبل الإسلام في دولة الفرس والروم. واستمر الأمر علي هذا المنوال حتي جاء عهد الدولة العباسية التي سارت علي نفس النظام الي أن قضي علي الخلافة في بغداد عام1258 ميلادية علي يد المغول.
وتم احياء الخلافة في مصر في عهد أيام المماليك عندما أحضر الظاهر بيبرس أحد الخلفاء العباسيين وبايعه بالخلافة وحدثت عملية مبادلة مبايعة لتجديد الخلافة وجعلها في مصر بدلا من بغداد واعترفوا بحكام المماليك واستمرت الخلافة حتي جاء السلطان العثماني سليم الأول وتم التنازل له ليكون خليفة المسلمين وتم نقل مقر دولة الخلافة الي تركيا حتي عام1924 عندما أعلن مصطفي كمال أتا تورك انتهاء الخلافة.
وفي تصوري أن من يتحدث عن اعادة دولة الخلافة في هذه الظروف لم يقرأ التاريخ ولا يعلم عنه شيئا وعلي أصحاب هذا الاتجاه أن يقولوا لنا علي أي أساس ستقوم دولة الخلافة ومن سيتولي خلافة المسلمين وأين مقر دولة الخلافة وهل ستكون مصر؟!
وأيضا هل تستطيع القوي الموجودة أن تضم الدول الإسلامية في دولة كبري موحدة كما كان الحال أيام الأمويين والعباسيين, هل تتوافر مقومات خلافة إسلامية موحدة تنضم تحت لوائها كل الدول الإسلامية معا وكيف يتم اختيار خليفة يتفق عليه الجميع ويكون مقره مصر؟!
أعتقد أن الإجابة عن هذه التساؤلات خير دليل علي أن هذه الدعوة مجرد حلم مستحيل الحدوث.
وبالطبع مفهوم دولة الخلافة يختلف عن الدعوي لتطبيق الشريعة الإسلامية التي تنادي بها بعض القوي السياسية وما يحدث الآن هو جزء من الهزل الحادث في هذه الفترة المضطربة.
ويوضح المستشار محمد إبراهيم خليل( نائب رئيس محكمة النقض الأسبق) رأيه في هذا الموضوع قائلا: إن فكرة الخلافة لاتمثل الفكر الحالي للإخوان المسلمين والفكرة عموما منتشرة ونسمعها في مصر وفي السعودية ودول أخري, وهناك من ينادي بعودة الخلافة علي أساس أن تقوم دولة قوية موحدة لجميع المسلمين في مواجهة طغيان الغرب.
ويتساءل قائلا: هل هناك من يضمن أن تكون دولة الخلافة مقرها مصر؟
ومع ذلك هناك فرق بين دولة الخلافة وهو حلم صعب أن يتحقق في هذه الظروف وبين الدعوي الإسلامية.. والتاريخ يقول أن دولة الخلافة لم تكن إسلامية بالمعني الصحيح ولم تقم علي أساس ديني في الأندلس أو تركيا, والدليل انها انهارت.. وعن الشريعة الإسلامية فإن القوانين المصرية مستمدة بالفعل من الشريعة الإسلامية حتي القانون المدني كله من الشريعة ماعدا مواد بسيطة عليها خلاف شرعي بين الفقهاء مثل فوائد البنوك.


المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق