الأحد، 15 أبريل 2012

الربيع في أدب مصر الإسلامية


لا خلاف علي ان ديوان الشعر العربي منذ الجاهلية الأولي ومرورا بالعصور الوسيطة ووصولا إلي العصر الحديث حفظ لنا من أوصاف الربيع وشعره ما يفوق الحصر والعد والإحصاء‏,‏ حتي أنه يمكننا أن نقول بأننا أصبحنا نمتلك تراثا كاملا لشعر الربيع في أدبنا العربي القديم والمعاصر‏,‏ ومازلنا نذكر جميعا قول البحتري الشهير في وصف
قدوم الربيع:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتي كاد أن يتكلما
ورغم أن شعر الربيع تألق منذ العصر الجاهلي, وأخذ أبعادا رائعة في الشعر العباسي علي يد البحتري وإبي تمام وابن الرومي والمتنبي وغيرهم, وقد عكس شعر الربيع في أدب مصر الإسلامية ـ والذي امتد قرابة ستة قرون كاملة ـ عشق المصريين للطبيعة, والتي كانوا يخرجون إليها في كل المناسبات والأعياد والمواسم, ومنها عيد( النيروز) وهو عيد قدوم الربيع عند كل المصريين في تلك الفترة من تاريخ مصر لارتباطه بأعياد الخلفاء والسلاطين الفاطميين والمماليك أنفسهم, الذين كانوا يعتبرونه عيدا مقدسا, ويسمي في بعض المصادر القديمة بـ( عيد الغدير), وهو عيد كان المصريون يحرصون فيه علي الخروج جماعات وفرادي الي الحدائق وشواطيء النيل والبحر, وكانت الاحتفالات فيه تأخذ أشكالا تعبيرية شديدة الخصوصية, بعيدة الأثر, ويقول ابن تغري بردي في كتابه ـ النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة ـ: إن مصر عرفت في أعياد الربيع قديما صورة الكرنفالات والاحتفالات الكبري حيث اتسعت في هذا العيد فنون التسلية, ومنها الخروج للتنزه في أماكن كثيرة علي شاطيء النيل من ناحية الازبكية, وكان النيل يمر بها قديما, وفي بولاق وجزيرة الروضة, وكانوا يستأجرون القوارب والسفن الشراعية للتنزه بها في النيل, والأمر ذاته علي شواطيء الاسكندرية من ناحية الرمل, وكان المتنزهون في القاهرة والاسكندرية يستأجرون المغنين والمغنيات ليعيشوا معهم فرحة هذا اليوم بالأغاني والأهازيج.كما كانت تلقي في تلك الفترة القصائد الشعرية لرموز الشعر الكبار آنذاك ومنهم ابن قلاقس الذي يقول:
ما أنا للعاذل بالمطيع وقد تبدي زمن الربيع
أما تري الأطيار في ترنم تهيج شوق المستهام المغرم
ومن ذلك قول ظافر الحداد:
هذا الربيع أتي بأحسن منظر يختال بين مدبج ومعصفر
فانهض إلي داعي السرور وخلني مما يقال عذرت أن لم تعذر
وما قاله الحداد:
هذا الربيع وهذه أنواره طاب الزمان وأورقت أشجاره
ومن الناحية الرسمية فقد كان الخلفاء منذ العهد الفاطمي ومرورا بالعهدين الأيوبي والمملوكي يحرصون علي الخروج في صبيحة هذا العيد في مواكب رسمية في أفخر الثياب لمشاركة الناس فرحتهم بقدوم الربيع, وكان الخلفاءوالسلاطين يبالغون في الاحتفالات بهذا العيد


المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق