الأربعاء، 18 أبريل 2012

هل تشعل دولة الطوارق حروبا مغاربية وسواحلية جديدة ..؟


أعلن طوارق مالي استقلال دولة "أزواد" عن مالي بعد الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012، الذي غير الحُكم بالبلاد، ويقول أمين الحركة إن الحركة عزت قرارها إلى رغبة الأزواديين الطوارق في الإنفصال عن مالي التي مارست أشد أنواع الاضطهاد والإبادة بحق الشعب الأزوادي سنوات 1963 و 1990 و 1995 و2006 و2012 واستغلال مُعاناتهم بسبب آثار الجفاف .
وطفا إلى سطح الأحداث اسم الطوارق وتناقلته وكالات الأنباء، وبدأ الجميع يتساءلون عن هوية هذه القبائل .. وهل هُم عرب .. أم أفارقة؟ .. وكيف يعيشون في الصحراء الكبرى شديدة الحرارة صيفًا والبرودة شتاءً ؟ .. ماهي عاداتهم وثقافتهم؟ .. ولماذا يتمردون على دولهم؟
كل هذه الأسئلة حاول فريق "ملفات أخبار مصر "www.egynews.net أن يُجيب عليها من خلال هذا الملف الشامل:

من هم الطوارق ..؟

الطوارق هُم شعب من الرُحل يقطنون في مساحة شاسعة من الصحراء الإفريقية تمتد من غرب موريتانيا إلى تشاد شرقاً، استوطنوا لمئات السنين منطقة الساحل حيث تجوب قوافلهم التجارية منطقة الصحراء الكبرى بهدف الاتجار في التمور والعطور والتوابل والعبيد.
الطوارق هُم مجتمع له سماته عاداته وتقاليده الخاصة، بسبب الطبيعة التي نشأ فيها من ناحية وتعرضه للاستعمار من ناحية أخرى، حيث كانت النبتة الأولى له في الصحراء وامتدت جذوره على حدود بعض الدول، فبلاد الطوارق تمتد من منطقة فزان جنوب ليبيا، ومرورًا بمنطقة الهقار جنوب الجزائر إلى منطقة آيير شمال النيجر وأقاليم أزواد شمال مالي إلى أجزاء من المغرب وموريتانيا .
يقطن الطوارق مناطق تمتاز بأنها الأكثر تصحرًا وجفافًا في المنطقة، بعد أن استطاعوا أن يُكيفوا حياتهم اليومية مع تلك الطبيعة القاسية، ويتأقلموا مع شظف العيش وشح مصادر الماء والغذاء في الصحراء، كما استطاعوا أن يُطوعوا الصحراء ويجعلوا منها ميدانهم المُفضل، فهم خبراؤها والعارفون، فهم يهتدون في قفرها ليلاً بالنجوم، ويعرفون منازلها ومساراتها بدقة فائقة، هذا فضلاً عن معرفتهم الدقيقة بنقاط الماء وأماكنها في الصحراء.
والطوارق شعب قديم يحكم حياتهم نظام عتيق من التقاليد والعادات ورثوها عن أجدادهم، ولديهم إرث قديم من الأدب والعلوم الطبية وعلم الفلك، فهم يتجولون في كامل الصحراء الكبرى باستعمال النجوم ويستعملون في علاج الأمراض الأعشاب والحرق بالنار والجراحة إن اقتضت الحاجة، ولديهم القدرة على التكيف والعيش في الصحراء بما فيها من مناخ قاس وندرة المياه.
فبعد رحيل الاستعمار الفرنسي من منطقة غرب إفريقيا ورسم حدود جديدة في المنطقة، وجد الطوارق أنفسهم مُشتتين بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وليبيا والجزائر إلى الشمال.
والطوارق كالبدو في ترحالهم بقوافلهم المُكونة من قطعان الإبل في سائر مناطق الصحراء الإفريقية الكبرى ودول الساحل الإفريقي دون الاكتراث بالحدود بين هذه الدول، ويُطلق عليهم أحيانًا اسم "الشعب الأزرق"، أو "رجال الصحراء الزرق" بسبب ملابسهم التقليدية الذي درجوا على ارتدائها ذات اللون النيلي وعمائمهم التي يستخدمونها أيضًا لتغطية أفواههم.
وعلى الرغم من أن المؤرخين والرحالة العرب القدامى درجوا على تسمية الطوارق بالمُلثمين، إلا أن الطوارق لا يُسمون أنفسهم بهذا الاسم الذي يُطلقه عليهم غيرهم فقط، وإنما يتسمون "تماشق" أو "تمازغ" وهي نفسها عند غيرهم من البربر "أمازيغ" ومعناها "الرجال الأحرار". أما كلمة طوارق العربية، فهي مُشتقة من "تاركة" وهو اسم كان يُطلق على منطقة فزان بليبيا الآن، وهي منطقة كانت ولا تزال أحد أهم أماكن تواجد الطوارق.
وعُرف الطوارق تاريخيًا بأنهم شعب مُقاتل جيد التسليح، فهم يحملون معهم في ترحالهم السكاكين والسيوف والخناجر والرماح، وينقسم الطوارق جغرافيًا إلى:
• طوارق الصحراء: وهم المُتواجدون في الجنوب الجزائري ومنطقة فزان بليبيا، وأهم قبائلهم "الهقار" أو "كل هغار" كما يُسمون هم القبيلة دائماً ببادئة "كل" أي "أهل" أو "بنو"، وأيضًا "كل آجر" في صحراء الجزائر، وبالتحديد بمنطقة جبال الهقار، ثم إيمنغاسن وأوراغن و"كل آجر" في فزان، وسكان مدينة غدامس الليبية عند نقطة الحدود مع كل من تونس والجزائر.
• طوارق الساحل: وهم بالأساس قبائل "كل آيير" بصحراء تنيري، و "كل يلمدن" بمنطقة غاوة بالنيجر، و "كل إيترام" و "كل آدرار" من إيلمدن المتونة و "كل تدمكت" حوالي تومبوكتو ومُنعطف نهر النيجر بمالي، وقبائل أخرى كثيرة مثل "كل أنصار" (الأنصار) و "كل لغل"، و "كل السوق" (التجار) و "كل غزاف" وغيرها في منطقة أزواد وآدرار ايفوجاس بجمهورية مالي.
اللغة والدين:الطوارق مسلمون سنيون على المذهب المالكي مع خليط من العقائد الإفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال إفريقيا ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجتها الطوارقية، وهي مزيج من لغة السواحلية واللغات الإفريقية، وقد تأثرت هذه اللهجة أكثر بالعربية القرشية مع استضاءة المنطقة بنور الإسلام، وما زال التأثر والتأثير في ازدياد أكثر فأكثر مع تزايد تبني الطوارق للثقافة العربية الإسلامية.
الحياة الاجتماعية:يعيش الطوارق في خيام ولكن جزء كبير منهم يستقر في بيوت طينية، وتعد الخيام مأوى آمن ضد حر الصحراء الصهيب والمناخ القاسي، حيث تصنع من أثواب خشنة تغزل من شعر الماعز أو الجلود وتشد إلى ركائز "أوتاد" يتم تثبيتها بحبال تزرع في باطن الأرض، وقد تغطى حوافها أو تنزل لحد ما إلى الأرض لمنع دخول الأتربة والرمل والعواصف والمطر.
والطوارق شعب فخور ويُحب الاستقلالية، فبحُكم عيشهم في مُحيط قاس طوروا مقاومتهم للطبيعة الصعبة وأعادوا صياغة الأمور التي يصعب التنبؤ بها، ويجعل الإحساس بشرف الأسرة منهم أكثر ضيافة ويعنيهم الإنسان ككل، ويحرص الطوارق على احتساء الشاي بصفته عادة اجتماعية لها طقوسها الخاصة بها إذ يتناولون أكواب الشاي في مجموعات ثلاث .. ثلاث ويكون الشاي مُحلى بطعم النعناع.
ومن الشائع أن توضع طاولة صغيرة في وسط الخيمة لشرب الشاي، وطاولة أطول تخصص عمومًا للضيوف وعابري السبيل، بل هناك الكثير من عاداتهم، فمثلاً عندما تهرع المرأة الطوارقية إلى الخارج وهي تحمل آنية مملوءة بحليب الناقة فهذه علامة على الترحيب بالقادمين، سواء أكان فردًا من العائلة قد جاء بعد سفر، أو ضيفًا عابر سبيل.
ومن الأدوات التي يستخدمها الطوارق الناقة وعقال الجمل، والدلو وأحياناً الشادوف لسحب الماء، وأيضاً البكرة التي تجرها الجمال لسحب الماء من الآبار شديدة العُمق، ويعتمدون على اللبن واللحم والتمر كمواد قديمة في شكل معجون أو مكبوس ويدخرونها للأيام المتجهمة.
وتعد صناعة السيوف - حسب البيئة الصحراوية - إحدى أنواع الحرف التي توارثها الطوارق عن الأجداد، بالإضافة إلى السكاكين الخاصة بذبح الأباعر والشياه في الأعياد والأعراس، وكذلك صناعة الحُلي الفضية الطرقية، من خواتم وأساور وأقراط، وعقود، لها زخرفة مُميزة بالشكل المُثلثي، ومن الحرف الأخرى، صُنع الخيم الطرقية المصنوعة من جلد الأوري، وتلائم طبيعة الصحراء حسب رأي الطوارق، إلى جانب صناعة قفاف الحلفاء، والوسائد، والبسط، وتقوم المرأة الطرقية بهذه الحرف.
الملابس والزينة الطوارقية:على مدار قرون ارتبط الطوارق بتقاليد وعادات منها الملابس، إذ يتلثم الرجال غطاءً للوجه دائمًا عند تجولهم في الخارج، قد يكون هذا التقليد ناتجاً عن الظروف القاسية للبيئة الصحراوية التي يعيشون فيها، ولكن له دلالات ثقافية أكبر، ويُسمى اللثام بـ "تاكلموست" حيث أنه من العيب على الرجل أن يظهر فمه للآخرين، فيُغطي الرجل رأسه بعمامة من القماش الأسود في الغالب، يلفها حول رأسه بإحكام عدة لفات حتى لايظهر من وجهه سوى أهداب عينيه بالكاد، ليرى بهما فقط، وعلى الرجل أكثر من ذلك أن ينام بهذه العمامة، وألا يضعها في وقت من ليل أو نهار، وإذا كشفت لمحة واحدة من وجهه، لظروف خارجة عن إرادته، فتلك الفضيحة التي ما بعدها فضيحة عند الطوارق، وأكثر من ذلك عليه أن يدخل يده من تحت اللثام إذا كان يأكل، وأن ينزوي في مكان مستور إذا أراد الوضوء أو التيمم، ويتحلى الرجال بخنجر أو سيف، ويتفننون في تزيين مقابض سيوفهم وأغشيتها، وقد يُرصع مقبض السيف بالفضة والذهب والأحجار الكريمة وتنحت عليه أسماء مالكيه.
والمرأة عند الطوارق لا تحجب عن وجهها، بينما تعد الخلاخيل وأساور الفضة وعقود الخرز والعقيق الزينة الأساسية للمرأة، وتختلف زينة الفتاة قبل الزواج فإذا تزوجت، وغالبًا من أحد الأقارب، فيحق لها أن تلبس الخلاخيل وبقية الزينة المعروفة للمرأة بشكل عام، وللمرأة الطوارقية مكانة عظيمة لدى الطوارق، وتتمتع باستقلالية كبيرة ولو كانت متزوجة، رغم أن مُعظم شعوب العالم تحولت إلى شعوب أبوية ذكورية ومن بينها أمازيغ الشمال في المغرب والجزائر وليبيا، وأشهر شخصية في تاريخ الطوارق هي امرأة اسمها "تينهنان" وهي زعيمة أسست مملكة هقار.
وعند نشوء تنازع أو تظالم بين شخصين فإن المسألة يتم حلها بسرعة في المجتمع المحلي بعد السماح لكل طرف بالإدلاء بآرائه والدفاع عنها أمام مجلس الشيوخ والمحكمة العامة، وتسند مهمة النطق بالحُكم إلى ما يُسمي بالشخص الأمين أو الزعيم المُسمى "أمنوكال Amnukal" وهو مُماثل لشخصية "أمغار Amghar" لدى أمازيغ الشمال.
الثقافة الطوارقية:وللشعب الطوارقي ثقافة تتكون ملامحها من الفنون والشعر الذي يُؤلفونه وهُم يُسمونه "تيسيواي" والفن القصاصي "تينفوسين" الذي يتميزون به والفن الغنائي "اساهاغ"، وللطوارق ديوانهم الخاص يحكي مفاخرهم، معاناتهم، قصص الحب بينهم، فالشاعر الطرقي "عثمان العثمان" أنشد شعرًا باللغة الطرقية، ترجمه صديقه "لادي حمدان"، تحدث عن مشقة الأسفار بالصحراء وحيدًا، والحنين يشده للأهل والأحبة، وخاطب بعيره أن يوصله لحبيبته، فقال البعير له: "سأوصلك لآخر الدنيا إذا لم تنكسر ساقي.
وفي الفنون تعتبر أشهر آلة موسيقية عند الطوارق آلة تشبه العود أو الجيتار تسمى "التيدينيت" وأخرى وترية أيضاً تسمى "الزركة" وحديثاً آلة القيطارة، ومن أشهر فرقهم "فرقة تيناروين" و "فرقة تاراكفة"، وكذلك يُعد الطبل أحد الآلات الموسيقية، ويتميز بمكانة خاصة عندهم، فقد كان يلعب دور وسيلة إعلام، ويوضع عند خيمة زعيم القبيلة صاحب الحل والعقد فيها ويسمونه "أمنوكل" وتحيط به عادة مجموعة من المساعدين "إيمغاد" أما الرعايا من العامة فيسمون "إيكلان" ويتضح الدور الإعلامي للطبل من نوعية استخدامه، فإن أمر قائد القبيلة بقرع الطبل خمس مرات، فمعنى ذلك أن الحي قرر الرحيل إلى مُنتجع آخر من الصحراء، وإن دوى الطبل عاليًا ثلاث مرات متواصلة سريعة، كان ذلك بمثابة صفارة الإنذار من هجوم وشيك للعدو، وهنالك قرعات للطبل تعني أن ثمة شخصاً تائهاً أو مفقوداً في الصحراء، أو أن عرساً قد بدأ.
ومن المظاهر الأخرى لثقافة الطوارق المُميزة ما يتعلق بأدوات الزينة والسكن والآلات المُستخدمة في الحياة اليومية وفي الفنون الشعبية التي توارثوها ويعتبرونها رموزاً يجب المحافظة عليها وحمايتها من أي "غزو ثقافي" قد يتهددها بفعل موجة "التحضر" العارمة التي تجتاح المنطقة، كذلك تعد طرق حلاقة رؤوس الأطفال ضمن العادات الثقافية المُميزة للطوارق، فهنالك قبائل تحلق رأس الصبي كاملاً باستثناء عرف أي جزء من مقدمة الشعر في الرأس، وهنالك قبائل تترك قروناً من الشعر في طرف الرأس أو طرفيه معاً، على أن هنالك قبائل أخرى تترك العرف والقرون معاً، أو تترك خطًا من الشعر في شكل خط من بداية الرأس حتى نهايته يُسمى "التبيب" عند عرب موريتانيا.
وتعد المرأة أكثر تعلمًا من الرجل، إذ يُصنف أغلب الباحثين الاجتماعيين الطوارق ضمن المجتمعات الأمومية، لأسباب تعود في معظمها إلى جذور قديمة، حين كانت المجتمعات البربرية في المنطقة وثنية قبل الإسلام، وكان الأبناء فيها ينتسبون لأمهاتهم وأخوالهم، بينما الرجل يُهاجر مع أهل زوجته ويُقيم معهم في مضاربهم، واستمر ذلك الحضور القوي لنفوذ الأم في مجتمع الطوارق بعد الإسلام، وقد فرضت طبيعة المجتمع الأمومي للمرأة الطوارقية مكانة تفوق مكانة الرجل، وأتاح لها المجتمع فرصة التعلم أكثر من الرجل، لذلك أصبح معروفًا أن نساء الطوارق أكثر ثقافة من رجالهم، فالمرأة تتعلم على يد أمها وجدتها كتابة لغة "تمشاق"، وهي لغة بربرية غريبة، تكتب من اليمين إلى اليسار، ومن الأعلى إلى الأسفل، كما تكتب من الأسفل إلى الأعلى ومن اليسار إلى اليمين.

الطوارق والوضع السياسي:

قاوم الطوارق الاحتلال الفرنسي بشراسة لعدة دول إفريقية منذ نهاية القرن 19 وعرقلوا تقدم القوات الفرنسية في دول إفريقيا خاصة بعد أن قتل الفرنسيون رئيسهم "الأمنوكال فهرون" في 1916.
ومنذ استقلال الدول الإفريقية عن الاحتلال الفرنسي غلب التوتر على علاقة الطوارق بحكومات الدول التي يتواجدون فيها، غير أن أول تحرك سياسي فعلي للطوارق يعود إلى 1963 حيث أعلنوا عن مطالبهم السياسية في مالي وطالبوا بحق امتلاك الأراضي والحفاظ على خصوصياتهم الثقافية واللغوية غير أن حكومة الرئيس "موبودو كايتا" قمعت هذه الحركة وزجت برموزها في السجون، ومع استقلال الدول الإفريقية والعربية من الاحتلال الفرنسي وجد الطوارق أنفسهم في وضع حرج خاصة أن صفوفهم لا تضم العدد الكبير من الحاصلين على شهادات عليا تمكنهم من المطالبة بمناصب سياسية وإدارية في الدول التي يتواجدون فيها، وزاد من عُزلتهم وجودهم في مناطق صحراوية، قليلة الكثافة السُكانية وبعيدة عن العواصم التي تعتبر مركز القرارات، وهو ما جعلهم من المُنسيين في هذه الدول لذلك طالبوا برفع التهميش والمظالم.
وللطوارق مطالب كأي شعب، فهم يطالبون بحقوق على ملكية الأراضي، إضافة إلى الاعتراف بحقوقهم الثقافية واللغوية، ففي أوائل التسعينيات من القرن الماضي، اندلعت حركة تمرد في صفوف قبائل الطوارق الرحل الماليين، فبادرت الحكومة إلى إرسال قواتها المسلحة إلى شمال البلاد بهدف سحق تمردهم.
عصيان وتمرد:بعد فترة هادئة نسبيًا امتدت حوالي عقدين عاد التوتر مع مطلع التسعينيات حيث أعلن الطوارق عن حركة تمرد جديدة قامت حكومة "سومانا ساكو" ثم حكومة "يانوسا تورا" بقمعها من جديد، إلا أن الطوارق في النيجر هم من بدأوا حراكهم المُسلح ضد الحكومات باستهداف الشركات الأجنبية والعاملين فيها، وأنشأوا حركة مسلحة أطلقوا عليها تسمية "حركة النيجر من أجل العدالة"، واعتبر الطوارق في النيجر أن الحكومات المُتعاقبة في النيجر لن تمكنهم من الاستفادة من عائدات صناعة اليورانيوم المزدهرة في هذا البلد فضلاً عن أن الصناعات التعدينية أضرت بأراضيهم الخصبة.
وتضم صفوف المتمردين تنوعًا واسعًا من الحركات بما فيها حركات إسلامية، ولكن الطوارق ذوي الميول الإنفصالية يشكلون الغالبية العُظمى من خلال حركتي "الحركة الوطنية لتحرير ازاواد" وحركة "أنصار الدين"، ويتزعم الحركة الأولى أمينها العام "بيلا آغ شريف" بينما يتزعم جناحها العسكري "محمد آغ نجم"، أما حركة أنصار الدين، فيتزعمها "اياد آغ غالي"، وهو زعيم معروف من زعماء الطوارق، وترتبط هذه الحركة "بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي".
وكثفت هذه الحركة المسلحة من هجماتها ضد الحكومة المالية التي تحاول قمعها بالقوة العسكرية الجوية، إلا أن الحركة استفادت من انشقاق عدد من الطوارق من الجيش المالي، وعودة المُقاتلين المُدججين بالأسلحة والمُدربين على القتال من ليبيا حيث قاتلوا في صفوف العقيد الليبي الراحل معمر القذافي خلال الحرب الليبية، وقد مكنهم ذلك من السيطرة على عدة مُدن في الشمال وقرب الحدود مع الجزائر، وقتل واحتجاز عدد كبير من الجنود النظاميين، مما دفع بالعديد من قيادات الجيش إلى التخوف على وحدة البلاد في ظل تصاعد قوة الطوارق المسلحة ومن طريقة تعامل الحكومة المركزية معهم خاصة في ظل معاناة الجيش الحكومي من نقص في السلاح والتجهيز والعتاد.

تفجير الأوضاع في النيجر ومالي:

ورغم أن متمردي الطوارق في النيجر ومالي يقولون إنهم لا يسعون لتحقيق أي نفوذ سياسي، غير أن اتساع نطاق التمرد في منطقة الساحل الإفريقي يمثل عائقًا حقيقيًا ومُتناميًا أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ويُحارب الطوارق من أجل تأسيس دولة خاصة بهم يُطلقون عليها اسم "أزاواد"، وقد رفع المتمردون الطوارق علم هذه الدولة على مدينتي غاو وكيدال، ولكنه من غير المرجح أنهم سينجحون في تحقيق حلمهم بالاستقلال إن كان في مالي أم في النيجر أم في أي بلد آخر، ولكن مع ذلك، فالتقدم الذي يحرزه المتمردون الطوارق في مالي يتواصل حيث أنهم يُحاصرون الآن مدينة "تمباكتو" التاريخية، فهي مدينة قديمة يتجاوز عمرها الألف سنة تقع على حافة الصحراء الإفريقية الكبرى إلى الشمال من نهر النيجر.
وفي 22 مارس/آذار الماضي قام القائد العسكري المالي "أمادو سونوجو" بانقلاب عسكري أسقط نظام الرئيس "أمادو توماني" وحل على أثره جميع مؤسسات الدولة وعلق العمل بالدستور. وصرح"أمادو كوناري" المتحدث باسم المجموعة العسكرية التي قامت بالانقلاب بأنها أطاحت بنظام توماني بعد عجزه عن "إدارة الأزمة في شمال البلاد" .
ويوجه بعض المحللين السياسيين أصابع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لوقوفه وراء تحرك الطوارق العسكري، حيث أكدت الحكومة المالية خلال تحقيق أجرته في فبراير/شباط الماضي بعد العثور على جثث العشرات من الجنود النظاميين إثر هجوم شنه متمردون من الطوارق في يناير/كانون الثاني على بلدة اغلهوك، أن عمليات القتل تحمل بصمات "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب"، خاصة أن عددًا كبيرًا من المقاتلين كانوا مُلتحين، وأن عمليات خطف رهائن أوروبيين كانت غالبًا ما تنتهي بتهريب الرهائن إلى مالي.
بيان استقلال ازواد:بسم الله الرحمن الرحيم .. نحن: الحركة الوطنية لتحرير أزواد باسم الشعب الأزوادي الحُر الأبي، وبعد المشاورات مع:اللجنة التنفيذية المجلس الثوري المجلس الاستشاري المكاتب الإقليمية قيادة أركان جيش التحرير الوطني .. إذ نذكر بمبادئ القانون الدولي والمواثيق القانونية الدولية الرئيسية التي تنظم حق الشعوب في تقرير المصير، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة في المادتين 1 و 55، والأحكام ذات الصلة الواردة في الإعلان الدولي لحقوق الشعوب الأصلية.
وبالنظر إلى الرغبة التي أعرب عنها صراحة في رسالة مؤرخة في 30 مايو 1958 موجهة إلى الرئيس الفرنسي من قبل الوجهاء والزعماء الروحيين من جميع مكونات الشعب الأزوادي.
تذكيرا بأنه في عام 1960، بمناسبة منح الاستقلال لدول غرب أفريقيا، ألحقت جمهورية فرنسا إقليم أزواد إلى ما سُمي مالي التي صنعت في حينه بدون موافقة الأزواديين.
وتذكيرًا بالمجازر والأعمال الوحشية والإذلال والسلب والإبادات الجماعية في الأعوام: 1963، 1990 1995، 20062012 والتي استهدفت الشعب الأزوادي.
كما نذكر بسلوك الاحتلال المالي غير الإنساني تجاه الأزواديين، والذي استغلت فيه الجفاف الذي ضرب المنطقة في الأعوام: 67 ، 73 ، 84، 2010م، لإبادة شعب أزواد واستدرار المساعدات الدولية.
نظرا لتراكم أكثر من 50 عامًا من الفساد وسوء الحُكم بتواطؤ الجيش مع السياسيين، مما يعرض حياة الناس للخطر في أزواد، ويهدد الاستقرار الإقليمي والسلم الدولي.
وبالنظر إلى التحرير الكامل لأراضي أزواد. نقرر بشكل لا رجعة فيه إعلان استقلال دولة أزواد، اعتبارا من اليوم 6/4/2012 ونعلن:
1. اعترافنا بحدود دول الجوار واحترامها.
2. الانخراط الكامل في ميثاق الأمم المتحدة.
3. نتعهد بالعمل على توفير الأمن، والشروع في بناء مؤسسات تتوج بدستور ديمقراطي لدولة أزواد المستقلة.
4. اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية لتحرير أزواد تدعو المجتمع الدولي إلى الاعتراف بأزواد دولة مستقلة بدون تأخير.
5. اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية لتحرير أزواد تستمر في تسيير شئون أزواد حتى يتم تعيين سلطة وطنية أزوادية. بلال أغ الشريف الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد.

"دولة ازواد" بين سندان الطوارق ومطرقة الإسلاميين:

لم يكد طوارق مالي يعلنون في 6 أبريل/نيسان الحالي استقلال "دولة ازواد" في شمال البلاد، حتى انطلقت سلسلة من ردود الفعل الدولية الرافضة لـ "الدولة الوليدة"، والمحذرة من ظهور منطقة توتر جديدة في العالم خارجة عن القانون الدولي، وأرضًا خصبة لتدريب جماعات مُتشددة قادرة على شن هجمات عبر الحدود.
وهكذا وقعت "دولة أزواد" الجديدة، المؤلفة من ولايات تمبكتو وغاو وكيدال، بين سندان الإنفصاليين الطوارق والإسلاميين المُتشددين الساعين إلى العثور على منطقة أكبر من فرنسا، هي بغالبيتها عبارة عن صحراء، لا يمكن مراقبتها بسهولة، وتسمح لهم بالانتقال إلى دول الجوار، وهي موريتانيا والنيجر والجزائر، التي لن تستطيع منعهم من التحرك بسهولة.
وظهرت منذ اللحظة الاولى لـ "الاستقلال" خلافات بين الطوارق، الذين يحلمون منذ عام 1960 بإعلان دولة خاصة بهم، والإسلاميين الذين رفضوا هذا الامر، مُعلنين الجهاد من أجل نشر الشريعة، ليس فقط في أزواد بل في كل مالي. كما أن هناك عرب مالي الذين يرفضون أن يحكمهم الطوارق. كل هذه الأمور، بالإضافة إلى مخاوف دول جوار مالي من الوضع الجديد، قد تؤدي إلى "انفجار أزواد".
ميدانيًا يبدو أن حركة الطوارق باتت لا تسيطر على الوضع حيث ان إسلاميي "أنصار الدين" التي يقودها "آياد آغ غالي"، الشخصية البارزة في حركة تمرد الطوارق خلال التسعينيات مدعومًا من "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي"، الذي شوهد ثلاثة من قيادييه في تمبكتو إلى جانــبه وأحدهـم مختار بلمختار.
وتؤكد جماعة "أنصار الدين" التي سيطرت على مدينة تمبكتو في شمال مالي، أنها تخوض حربًا "ضد الاستقلال ومن أجل الإسلام" وفرض الشريعة، مُتصدية في آن واحد لنظام باماكو والاستقلاليين الطوارق. وأكدت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" التي أعلنت استقلال شمال مالي أنها مُستعدة لمُقاتلة "القاعدة" في إطار "شراكة دولية". وقال الناطق باسمها في فرنسا موسى آغ الطاهر "نمد يدنا إلى الدول المعنية بهذا التهديد الإرهابي لنطلب إقامة شراكة مع حركتنا في مكافحة الإرهاب".
وما يزيد من تعقيد الوضع في شمال مالي انضمام عناصر من حركة "بوكو حرام" النيجيرية إلى المقاتلين في تمبكتو. وقالت بعض المصادر إن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الذي كثف الاتصالات مع "بوكو حرام" بدأ تعاونا يُنذر دول المنطقة والدول الغربية بتواطؤ قد يزيد في زعزعة استقرار المنطقة.
وهناك مخاطر من انفجار عرقي، بعد تشكيل حركة مُسلحة جديدة تحمل اسم "الجبهة الوطنية لتحرير أزواد" وتضم 500 رجل جميعهم تقريبًا من عرب منطقة تمبكتو. وقال عضو في "الجبهة الوطنية": نحن عرب تمبكتو لن يحكمنا أبدًا فرد من الطوارق من كيدال، في إشارة إلى منطقة شمالية من المناطق الثلاث التي تم الاستيلاء عليها والتي ينظر إليها على نحو كبير على أنها موطن للطوارق.
ويتفق الخبير في الشئون الإفريقية في معهد "تشاتهام هاوس" البريطاني بول ميلي ومديرة مشروع "كارنيجي" للشرق الأوسط مارينا اوتاواي على إمكانية وقوع نزاع بين الطوارق والإسلاميين للسيطرة على المنطقة.
وقال ميلي لـ "جريدة السفير" اللبنانية إن "هناك خطر وقوع نزاع بين الجهاديين في انصار الدين والمتمردين الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد والتي لديها جدول أعمال علماني، ولكن أيضًا قد يتحالفان"، مُضيفًا "كل شئ مُمكن. إن الوضع مُعقد والصورة ضبابية، لأن هذا الأمر لا يدور فقط حول السياسة أو الدين أو حقوق الطوارق، فهناك أيضًا مصالح اقتصادية مهمة في الصحراء المالية، ضمنها المكاسب التي تأتي من تهريب البشر والمخدرات والدخان، كما أن العصابات الإجرامية مُتورطة في الصراع".
وتشكك اوتاواي في اندلاع حرب بين الطرفين. وتقول: "أشك في أن نرى حربًا مفتوحة بين الإنفصاليين الطوارق وأنصار الدين. أنهما حركتان ضعيفتا التنظيم الهيكلي وتديران منطقة واسعة جدًا. قد يكون هناك بعض الاشتباكات بينهما، لكن الحديث عن حرب أمر غير متوقع"، موضحة "ليس هناك سيطرة محكمة على منطقة الصحراء، ولا يمكن لأي دولة، إن كان في جنوب الصحراء أو شمالها السيطرة على الأطراف، وهي مناطق واسعة وغير مأهولة بالسكان. لا توجد سيطرة قوية على المنطقة، حيث يتحرك تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعات تهريب المخدرات والأسلحة بحرية. لقد كان هذا الأمر يحصل منذ وقت طويل وسيبقى كذلك، على الرغم من جهود الولايات المتحدة لتأليف تحالف مع جميع الدول في المنطقة من أجل السيطرة على الوضع".
ميلي يرفض تشبيه الوضع في شمال مالي بأنه "صومال جديدة". ويقول: "بالتأكيد هناك مشكلات أمنية كبيرة بسبب وجود عدد من الجماعات المسلحة، ولكل منها مصالح وجداول أعمال مختلفة. وحتى أنه تم الكشف عن وجود مُقاتلين من جماعة "بوكو حرام" النيجيرية في غاو الآن. لكن لا يُمكن تشبيه شمال مالي بالصومال. إن العديد من المواطنين في شمال مالي، خصوصًا في المُدن الرئيسية ووادي نهر النيجر ليسوا من الطوارق أو من المُهتمين بأجندة إسلامية. إنهم يعتبرون أنفسهم ماليين ويريدون أن تستعيد السلطة زمام الأمور. لقد اعتادوا العيش في إطار دولة مؤسساتية مستقرة، خلال العقدين الماضيين، حيث كانت تجرى فيها انتخابات ديمقراطية كل خمس سنوات. إنهم لا يريدون الانضمام إلى أزواد أو أن تحكمهم الشريعة. إنهم يريدون البقاء في إطار دولة مستقرة في غرب افريقيا".
إمكانية التدخل العسكري الإفريقي:وبعد أن أجبرت المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ايكواس) الإنقلابيين في مالي على الانصياع لمطلبها، وتسليم الحُكم إلى رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ديونكوندا تراوري، فإن الانظار تتوجه إليها مُجددًا لدعم الجيش المالي بعد أن طلبت دول في "ايكواس" من مُخططين عسكريين تجهيز قوة تدخل يصل قوامها إلى 3 آلاف جندي تحمل تفويضًا لتأمين عودة مالي الى النظام الدستوري ووقف أي تقدم آخر للمتمردين، كما أن فرنسا كررت عرضها بتوفير وسائل النقل وتسهيلات أخرى تتعلق بالنقل والإمداد للقوة، من دون التدخل مُباشرة في المعركة.
ويقول "ميلي" رداً على سؤال عن إمكانية قيام الدول الإفريقية بمُساعدة القوات المالية لشن حرب على الطوارق والإسلاميين، إن "لدول ايكواس، وهي تجمع لـ15 دولة في غرب إفريقيا، خبرة كبيرة في إدارة الأزمات في المنطقة من خلال الدبلوماسية والتفاوض. هناك إحساس كبير بالهوية القومية وتعهد بالعمل بناء على حُكم الدستور وإرادة للعمل معًا من أجل سلامة المنطقة مُستقبلاً، ديموقراطيًا وأمنيًا. إن لـ "ايكواس" أيضًا خبرة في نشر قوات حفظ سلام وقوات تدخل، كما حصل في ليبــيريا وســيراليون، وهناك خبرة لعدد من الدول فيها، مثل السنغال وغانا ونيجيريا، في هذا الأمر".
ويُضيف إن "القتال في حرب في الصحراء أمر صعب للغاية، لكن قد يكون لـ "ايكواس" القدرة العسكرية على استعادة الأمن وسلطة القانون في المُدن الرئيسية، وهو أمر قد يقوي، على الأقل، من قدرة السلطات المالية على فرض موقفها في أي مفاوضات مع "الحركة الوطنية لتحرير أزواد". إن التوصل إلى اتفاق مع الحركة الوطنية قد يكون حاسمًا إذا قررت سلطات مالي مواجهة تهديد الميليشيات الإسلامية الراديكالية".
لكن اوتاواي تستبعد فتح دول إفريقية جبهة في شمال مالي. وتقول إن "الدول الإفريقية تركز الآن على إعادة الحُكم الشرعي في مالي، ولهذا فأنا أشك في أنها ستندفع إلى الحرب من أجل مُساعدة مالي في إعادة السيطرة على شمالي البلاد. قد يحاولون التوسط بين الحكومة المالية والإنفصاليين الطوارق".
إعلان استقلال أزواد يحرج المغرب والجزائر:‎أعلن طوارق مالي استقلال دولة "أزواد" عن مالي بعد الانقلاب العسكري الذي غير الحُكم بالبلاد. ويقول أمين الحركة إن الحركة عزت قرارها إلى رغبة الأزواديين الطوارق في الإنفصال عن مالي التي مارست أشد أنواع الاضطهاد و الإبادة بحق الشعب الأزوادي سنوات 1963 و 1990 و 1995 و 2006 و 2012 واستغلال معاناتهم بسبب آثار الجفاف. والإعلام الرسمي المغربي بجميع أطيافه وهو يذيع الخبر لم يذكر ولو مرة كون هذه الجمهورية الوليدة حديثًا هي "أمازيغية" لأن في الأمر إحراج على ما يبدو طالما أن الشعب المغربي يتكون من غالبية عُظمى من الأمازيغ، ويبدو الموقف الرسمي المغربي بعيدًا عن ما قد تكون عليه ردود فعل الشعب إذ أكد وزير الشئون الخارجية والتعاون - الجمعة 6 أبريل الجاري- إن إعلان الحركة الوطنية لتحرير أزاواد استقلال منطقة الشمال عن جمهورية مالي من جانب واحد . "أمر غير مقبول البتة بالنسبة للمملكة المغربية" وبالمُقابل نجد أن الحركة الأمازيغية بالريف أعلنت عن "دعمها المُطلق واللامشروط لـ "الحركة الوطنية لتحرير الأزواد"، كجمهورية أزوادية مستقلة، من جانب واحد. وجاء في بيان لها أنه "تزف الخبر السار إلى كافة الحركات التحررية الأمازيغية والعالمية، وتهنئ الشعب الأزوادي الطوارقي بهذا الحدث السعيد والاستقلال المجيد، وتبشر الشعب الأزوادي الشقيق بمستقبل زاهر في ظل الحرية والكرامة فوق أرض الأجداد التاريخية". وإذا حاولنا استكشاف سبب هذا الرد "المتسرع" من الخارجية المغربية طبيعي أن يكون الأمر مُرتبط بقضية الصحراء وبكبح الراغبين في الإنفصال من استغلال الظرفية، وعدم خلق سابقة في المنطقة إذن قيام دولة أزواد الهدف منه المس بوحدته الترابية، كما أن الأمرقد يكون انسجامًا للدبلوماسية المغربية وكعادتها مع مصالح فرنسا وأمريكا في المنطقة تحت مُسمى مُحاربة القاعدة ،ولكن إذا نظرنا إلى الجانب الآخر في المُعادلة أي الجزائر، سنتأكد من أن الأمر مُحرجًا لها بنسبة أكبر لكونها لا ترضى بقيام دولة للطوارق في جنوبها مما سيؤثر على مطالب طوارق الجزائر بالإنفصال والالتحاق بإخوانهم سواء عبر اتساع خريطة أزواد لتشمل جنوب الجزائر، أو بالتكتل في شمال مالي. فهي إذن تخشى أن يأتي الدور على طوارقها ولايبقون مكتوفي الأيدي أمام هذا الحدث دون أن يتأثروا به. لكن كثيرًا ما تغنت الجزائر بدعمها حركات التحرر في العالم، كما هو حال علاقتها مع البوليساريو، وسيكون الأمر أكثر حرجًا إذا لم تدعم تقرير مصير الطوارق في جنوبها، وفي النيجر ومالي، ومن جهته أعلن كل من الاتحاد الإفريقي على لسان رئيس مفوضيته "جان بينغ" ومسؤولة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"كاثرين آشتون" ووزارة الخارجية الفرنسية رفضهم و تنديدهم بقرار إعلان الاستقلال أحادي الجانب من طرف الحركة الوطنية لتحرير أزواد على أراضي شمال مالي مُعتبرين الإعلان مسًا بوحدة وسلامة أراضي مالي.


المصدر ايجى نيوز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق