الحصانة.. كلمة أصبحت سيئة السمعة بسبب الاستخدام السيء لها من كثير من أعضاء البرلمان علي مدي عقود طويلة..فالأصل في الحصانة هي توفير الحماية للنائب للقيام بدوره الرقابي والتشريعي تحت قبة البرلمان
ولكن انحرف بها البعض وحولها لمركز قوي ونفوذ وعدم الخضوع للقانون.
ولأن برلمان الثورة علي الأبواب فقد عادت كلمة الحصانة تطرح نفسها والتساؤل هل سيتم الابقاء علي الحصانة المطلقة للنائب فتتكرر الكارثة أم تكون هناك ضوابط لاستخدامها؟
د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يشير بداية الي أن الحصانة البرلمانية مقررة في كل البرلمانات بل إن دستور1923 كان يهتدي في الأصل بالدستور البلجيكي الذي يعطي الحصانة للنائب لما يعبر عنه تحت قبة البرلمان بحيث لا يتعرض لأية محاولات للضغط عليه من قبل السلطة التنفيذية.. ولذلك فنحن لانؤيد علي الاطلاق فكرة الغاء الحصانة حتي لايخضع النائب للترويع من قبل هذه السلطة ولكننا مع وضع ضوابط للحصانة حتي لا تتحول الي جزء من منظومة الفساد والافساد والتي من أجلها قد ينفق المرشح10 ملايين جنيه علي سبيل المثال لأنه يعلم أنه سوف يحصل علي امتيازات من وراء عضوية البرلمان وقد يرتد اليه هذا المبلغ أضعافا مضاعفة وهنا يصبح المقعد البرلماني للتباهي وليس للهدف الأساسي منه.. لذلك فان أول هذه الضوابط مواجهة الفساد في تصرفات الوزراء والنواب معا.. فلا يجب تحصين النائب في فعل شائن اذا ارتكب جريمة سرقة أو قتل أو خلافه فيجب الحصول علي اذن النيابة العامة في حالة التلبس.. وماينبغي أن ندركه هنا هو أن القضية لا تتجسد في الحصانة في حد ذاتها ولكن في استغلال الموقع فهناك عشرات الحالات التي تم اسكات النواب فيها من قبل المسئولين بمنحهم رشاوي غير ظاهرة وهو الأمر الذي حول مقعد البرلمان في كثير من الأحيان الي مفسده تحتمي بالحصانة.
فلسفة الحصانة
د.مصطفي الفقي المفكر السياسي يري أن الأصل دستوريا هو صبغ الحماية علي البرلمان خلال فترة عضويته للبرلمان.. ولكن الملاحظ في السنوات الأخيرة أنه قد جري استخدام هذا الحق علي نحو غير مريح لا يخلو من شبهة الاستغلال ومحاولة الاستفادة من عضوية البرلمان في الخلط بين الثروة والسلطة وهو مايؤدي الي الفساد الحقيقي الذي عانينا منه بينما الأصل في فلسفة الحصانة أنها نوع من الحماية للنائب وتسهيل مهمته في التشريع والرقابة كما أنها يجب أن تقتصر علي مايجري تحت القبة فلايجب أن تتبع النائب أينما ذهب ولايقوم النائب بما يضعه تحت طائلة القانون متذرعا بالحصانة ومحميا بها.. فالمشهد الحالي يؤكد أن الصورة مختلفة تماما فما أكثر مااستخدمت الحصانة في غير ماشرعت له أصبحت ستارا يغطي بعض الانحرافات بل أصبحت وبالا علي بعض رجال الأعمال وأدت الي فتح ملفاتهم ومازال بعضهم يقبع خلف أسوار السجون بسبب استغلال هذه الميزة بل إننا لا نبالغ اذا قلنا إننا ربما لو أعلنا عن سقوط الحصانة عن النائب البرلماني لخرج نصف الشعب مؤيدا لهذا القرار بل وربما أحجم عدد كبير من المرشحين عن الدخول في الانتخابات البرلمانية لاكتشافهم ربما لأول مرة في تاريخنا الحديث أن سطوة صوت الأمة والشعب اقوي بكثير من الحصانة.
ولذلك ـ كما يضيف د.مصطفي الفقي فان الحصانة يجب أن تعود مرة أخري الي وضعها الطبيعي بحيث تكون مقصورة علي أداء البرلماني لمهامه تحت القبة ولا تكون مبررا له لارتكاب جرائم خاصة في هذه الظروف شديدة الحساسية وبالغة التعقيد التي تمر بها مصر الآن..
كيدية الطلبات
علاء عبد المنعم المحامي يقر بمبدأ أن العمل البرلماني لايستقيم بدون حصانة وهو نظام معمول به في جميع دول العالم كي يؤدي النائب دوره دون أن يطاح به ولعل أهميتها تكمن في أنها تمنع كيد الحكومة للنائب بتلفيق اتهامات له جنائية أو سياسية بحجة ارتكاب جرائم وبذلك تستطيع السلطة التنفيذية أن تختطف النائب من بين احضان المجلس.. وفي الأصل فان الحصانة البرلمانية مقررة لمصلحة الناخبين قبل أن تكون مقررة لمصلحة النواب حتي يستطيع النواب ممارسة دورهم دون خوف من اجراءات ضدهم.
ولا شك أن اساءة استخدام الحصانة يعود الي قيادات المجلس التي تستطيع أن تميز وهذا دورها ـ بين أن يكون طلب رفع الحصانة كيديا أو أن يكون صادقا فاذا كان الطلب سليما مثل أن يكون النائب أصدر شيكات بدون رصيد أو قام بالتعدي علي أحد بالتعدي لي أحد المواطنين أو علي أراضي الدولة فهنا يجب أن يتم رفع الحصانة عنه فورا وبالتالي تفقد قيمتها لمن قام باستغلالها أما اذا كان الأمر يتعلق بأمور سياسية كالمظاهرات أو الاجتماعات والادلاء بآراء في الصحف ووسائل الإعلام حول قضايا تتعلق بالشأن العام دون اعتداءات علي أحد فانه لايمكن رهنا رفع الحصانة لصالح الشعب والناخبين وليس للنواب.. لذلك فقد رأينا أن الضوابط الخاصة يجب أن تتمثل في قيد واحد هو ضرورة البحث في ركن الكيدية في طلب رفع الحصانة فاذا توافر فيه يجب أن يرفض المجلس ليظل النائب متمتعا بحصانته أما اذا لم يكن كذلك فانه لايجب أن يتردد المجلس في رفع الحصانة عن النائب لكن يكن محاكمته مثل أي مواطن عادي.
للأقوال فقط
سعد عبود المحامي ونائب رئيس حزب الكرامة يؤيد الرأي السابق قائلا: إن الحصانة ليست لشخص عضو مجلس الشعب ولكنها للصالح العام وهي للأقوال وليست للأفعال بمعني أن من يتصرف تصرفا غير سليم فلا حصانة له وهي محكومة بالمادة98 من الدستور التي يشير الي أنه لا يؤاخذ أعضاء المجلس عما يبدونه من آراء داخل المجلس وفي لجانه.. أي أنها تقتصر علي مايبديه النائب في البرلمان داخل المجلس وهو يعرض آليات عمله بدءا من السؤال وطلب الاحاطة والاستجواب وأي مناقشات تدور ويشارك فيها في الجلسة العامة واللجان ما عدا ذلك فلا حصانة له.. وذلك حتي يؤدي دوره البرلماني وهو في مأمن من الانتقام أو من محاولات تهديده والاعتداء عليه.. وذلك ليس بهدف الحماية الشخصية للنائب ولكن لحماية المجتمع من التعرض لهؤلاء النواب حتي يعبروا تعبيرا يخلو من الخوف والتوجس وبالتالي يؤدي دوره كما ينبغي دون استشعار داخلي يتعرضه للعقاب في حالة الادلاء برأيه بصراحة.
أما اذا تم استغلالها خارج هذه الحدود والأبعاد فان ذلك يخرج بعضوية مجلس الشعب عن هدفها الحقيقي وهو التشريع والرقابة علي أداء الحكومة( وهما الوظيفتان الأساسيتان) الي هدف آخر وهو استغلال الوجاهة الاجتماعية وجمع الثروات.. ولذلك فانه يجب الآن اعادة الأمر الي نصابه الصحيح فعلي الرغم من أن الدستور معطل الآن الا أن المادة98 مضمونها كما هو بل أنها نقلت الي دساتير عديدة بعد الثورة.. أما الضوابط التي تحكم الحصانة فأهمها الرأي العام والاعلام القوي لمن يتجاوز في استخدام هذا الامتياز حتي يمكن حصار هذه الفئة وضمان عدم افلاتها من العقاب.
د.شوقي السيد استاذ القانون والخبير الدستوري يؤكد من جانبه أن الحصانة من المفترض ان تكون تاجا علي رأس عضو مجلس الشعب تمكنه من استخدام ادواته في الرقابة البرلمانية تحت القبة علي أداء السلطة التنفيذية وقديما قالت محكمة النقض في أحكام شهيرة ان الحصانة مطلقة تحت القبة ونسبية خارجها بمعني أن النائب يستطيع أن يعبر ويهاجم كما يشاء تحت قبة البرلمان أما خارجه فان الحصانة تمتد اليه اذا كان مسلكه له صلة بالعمل النيابي.. أما الجرائم الناتجة عن سلوكيات شخصية للنائب بصفته مواطنا كالقتل الخطأ أو الاستيلاء علي المال العام أو التزوير فكلها لا تمتد اليها الحصانة بالقطع لأنها ليست ريشة علي رأس النائب الذي يسعي اليها بانفاق الملايين علي حملته الانتخابية كي تحميه من الموبقات والخطايا.. ومن المعروف أن طلب رفع الحصانة يأتي من وزير العدل وهناك كم هائل من القضايا في السنوات الماضية انقضت مدتها وسقطت بسبب عدم رفع الحصانة وكذلك كم هائل من ملفات طلب رفع الحصانة وضعت في الادراج ولم تر النور ولم تتمكن النيابة العامة من مساءلة الاعضاء جنائيا ولم تتمكن من الحصول علي الاذن باتخاذ الإجراءات اللازمة وذلك مجاملة للأعضاء المدانين.
وبالتالي فان اطلاق الحصانة علي طول المدي مشكلة جسيمة ولكننا في نفس الوقت نري أن إلغاءها مطلقا أيضا أمر خاطئ لأن النائب يجب ألا يخشي المساءلة تماما مثل القاضي علي المنصة أو الموظف العمومي أثناء أداء وظيفته ولذلك فاننا نتمسك بالمبدأ الذي وضعته محكمة النقض والمشار اليه سلفا.
التعامل مع العضو ممنوع
ومن الناحية الدستورية كما يضيف د.شوقي السيد فان الحصانة مقيدة بالفعل في الدستور وليست مطلقة بغير حدود كما هو مفهوم خطأ.. ولكن المشكلة تكمن في النصوص التي يتم تجاهلها أو تطبيقها بشكل خاطئ أو التحايل عليها.
وهنا نشير الي وجود نص صريح في الدستور يجعل النائب اشبه بالراهب في مجلس الشعب حيث يقول هذا النص إن هناك حظرا للتعامل مع أعضاء مجلس الشعب بمعني أنه لايبيع ولايشتري ولا يستأجر ولا يتولي وظيفة ولا تتم ترقيته ولا تجوز مجازاته وذلك عقب حصوله علي عضوية مجلس الشعب كي لا يقع تحت أية اغراءات أو يسعي الي العضوية لكي يبتز الحكومة॥ ولكن مع الأسف الشديد فان هذا النص عطل ولا يتم العمل به ويتم تجاهله والتحايل عليه.. ولكننا اذا أحسنا تفعيل نصوص الدستور فسوف تتم حماية المجتمع ككل من استغلال النفوذ تحت مسمي الحصانة
ولأن برلمان الثورة علي الأبواب فقد عادت كلمة الحصانة تطرح نفسها والتساؤل هل سيتم الابقاء علي الحصانة المطلقة للنائب فتتكرر الكارثة أم تكون هناك ضوابط لاستخدامها؟
د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يشير بداية الي أن الحصانة البرلمانية مقررة في كل البرلمانات بل إن دستور1923 كان يهتدي في الأصل بالدستور البلجيكي الذي يعطي الحصانة للنائب لما يعبر عنه تحت قبة البرلمان بحيث لا يتعرض لأية محاولات للضغط عليه من قبل السلطة التنفيذية.. ولذلك فنحن لانؤيد علي الاطلاق فكرة الغاء الحصانة حتي لايخضع النائب للترويع من قبل هذه السلطة ولكننا مع وضع ضوابط للحصانة حتي لا تتحول الي جزء من منظومة الفساد والافساد والتي من أجلها قد ينفق المرشح10 ملايين جنيه علي سبيل المثال لأنه يعلم أنه سوف يحصل علي امتيازات من وراء عضوية البرلمان وقد يرتد اليه هذا المبلغ أضعافا مضاعفة وهنا يصبح المقعد البرلماني للتباهي وليس للهدف الأساسي منه.. لذلك فان أول هذه الضوابط مواجهة الفساد في تصرفات الوزراء والنواب معا.. فلا يجب تحصين النائب في فعل شائن اذا ارتكب جريمة سرقة أو قتل أو خلافه فيجب الحصول علي اذن النيابة العامة في حالة التلبس.. وماينبغي أن ندركه هنا هو أن القضية لا تتجسد في الحصانة في حد ذاتها ولكن في استغلال الموقع فهناك عشرات الحالات التي تم اسكات النواب فيها من قبل المسئولين بمنحهم رشاوي غير ظاهرة وهو الأمر الذي حول مقعد البرلمان في كثير من الأحيان الي مفسده تحتمي بالحصانة.
فلسفة الحصانة
د.مصطفي الفقي المفكر السياسي يري أن الأصل دستوريا هو صبغ الحماية علي البرلمان خلال فترة عضويته للبرلمان.. ولكن الملاحظ في السنوات الأخيرة أنه قد جري استخدام هذا الحق علي نحو غير مريح لا يخلو من شبهة الاستغلال ومحاولة الاستفادة من عضوية البرلمان في الخلط بين الثروة والسلطة وهو مايؤدي الي الفساد الحقيقي الذي عانينا منه بينما الأصل في فلسفة الحصانة أنها نوع من الحماية للنائب وتسهيل مهمته في التشريع والرقابة كما أنها يجب أن تقتصر علي مايجري تحت القبة فلايجب أن تتبع النائب أينما ذهب ولايقوم النائب بما يضعه تحت طائلة القانون متذرعا بالحصانة ومحميا بها.. فالمشهد الحالي يؤكد أن الصورة مختلفة تماما فما أكثر مااستخدمت الحصانة في غير ماشرعت له أصبحت ستارا يغطي بعض الانحرافات بل أصبحت وبالا علي بعض رجال الأعمال وأدت الي فتح ملفاتهم ومازال بعضهم يقبع خلف أسوار السجون بسبب استغلال هذه الميزة بل إننا لا نبالغ اذا قلنا إننا ربما لو أعلنا عن سقوط الحصانة عن النائب البرلماني لخرج نصف الشعب مؤيدا لهذا القرار بل وربما أحجم عدد كبير من المرشحين عن الدخول في الانتخابات البرلمانية لاكتشافهم ربما لأول مرة في تاريخنا الحديث أن سطوة صوت الأمة والشعب اقوي بكثير من الحصانة.
ولذلك ـ كما يضيف د.مصطفي الفقي فان الحصانة يجب أن تعود مرة أخري الي وضعها الطبيعي بحيث تكون مقصورة علي أداء البرلماني لمهامه تحت القبة ولا تكون مبررا له لارتكاب جرائم خاصة في هذه الظروف شديدة الحساسية وبالغة التعقيد التي تمر بها مصر الآن..
كيدية الطلبات
علاء عبد المنعم المحامي يقر بمبدأ أن العمل البرلماني لايستقيم بدون حصانة وهو نظام معمول به في جميع دول العالم كي يؤدي النائب دوره دون أن يطاح به ولعل أهميتها تكمن في أنها تمنع كيد الحكومة للنائب بتلفيق اتهامات له جنائية أو سياسية بحجة ارتكاب جرائم وبذلك تستطيع السلطة التنفيذية أن تختطف النائب من بين احضان المجلس.. وفي الأصل فان الحصانة البرلمانية مقررة لمصلحة الناخبين قبل أن تكون مقررة لمصلحة النواب حتي يستطيع النواب ممارسة دورهم دون خوف من اجراءات ضدهم.
ولا شك أن اساءة استخدام الحصانة يعود الي قيادات المجلس التي تستطيع أن تميز وهذا دورها ـ بين أن يكون طلب رفع الحصانة كيديا أو أن يكون صادقا فاذا كان الطلب سليما مثل أن يكون النائب أصدر شيكات بدون رصيد أو قام بالتعدي علي أحد بالتعدي لي أحد المواطنين أو علي أراضي الدولة فهنا يجب أن يتم رفع الحصانة عنه فورا وبالتالي تفقد قيمتها لمن قام باستغلالها أما اذا كان الأمر يتعلق بأمور سياسية كالمظاهرات أو الاجتماعات والادلاء بآراء في الصحف ووسائل الإعلام حول قضايا تتعلق بالشأن العام دون اعتداءات علي أحد فانه لايمكن رهنا رفع الحصانة لصالح الشعب والناخبين وليس للنواب.. لذلك فقد رأينا أن الضوابط الخاصة يجب أن تتمثل في قيد واحد هو ضرورة البحث في ركن الكيدية في طلب رفع الحصانة فاذا توافر فيه يجب أن يرفض المجلس ليظل النائب متمتعا بحصانته أما اذا لم يكن كذلك فانه لايجب أن يتردد المجلس في رفع الحصانة عن النائب لكن يكن محاكمته مثل أي مواطن عادي.
للأقوال فقط
سعد عبود المحامي ونائب رئيس حزب الكرامة يؤيد الرأي السابق قائلا: إن الحصانة ليست لشخص عضو مجلس الشعب ولكنها للصالح العام وهي للأقوال وليست للأفعال بمعني أن من يتصرف تصرفا غير سليم فلا حصانة له وهي محكومة بالمادة98 من الدستور التي يشير الي أنه لا يؤاخذ أعضاء المجلس عما يبدونه من آراء داخل المجلس وفي لجانه.. أي أنها تقتصر علي مايبديه النائب في البرلمان داخل المجلس وهو يعرض آليات عمله بدءا من السؤال وطلب الاحاطة والاستجواب وأي مناقشات تدور ويشارك فيها في الجلسة العامة واللجان ما عدا ذلك فلا حصانة له.. وذلك حتي يؤدي دوره البرلماني وهو في مأمن من الانتقام أو من محاولات تهديده والاعتداء عليه.. وذلك ليس بهدف الحماية الشخصية للنائب ولكن لحماية المجتمع من التعرض لهؤلاء النواب حتي يعبروا تعبيرا يخلو من الخوف والتوجس وبالتالي يؤدي دوره كما ينبغي دون استشعار داخلي يتعرضه للعقاب في حالة الادلاء برأيه بصراحة.
أما اذا تم استغلالها خارج هذه الحدود والأبعاد فان ذلك يخرج بعضوية مجلس الشعب عن هدفها الحقيقي وهو التشريع والرقابة علي أداء الحكومة( وهما الوظيفتان الأساسيتان) الي هدف آخر وهو استغلال الوجاهة الاجتماعية وجمع الثروات.. ولذلك فانه يجب الآن اعادة الأمر الي نصابه الصحيح فعلي الرغم من أن الدستور معطل الآن الا أن المادة98 مضمونها كما هو بل أنها نقلت الي دساتير عديدة بعد الثورة.. أما الضوابط التي تحكم الحصانة فأهمها الرأي العام والاعلام القوي لمن يتجاوز في استخدام هذا الامتياز حتي يمكن حصار هذه الفئة وضمان عدم افلاتها من العقاب.
د.شوقي السيد استاذ القانون والخبير الدستوري يؤكد من جانبه أن الحصانة من المفترض ان تكون تاجا علي رأس عضو مجلس الشعب تمكنه من استخدام ادواته في الرقابة البرلمانية تحت القبة علي أداء السلطة التنفيذية وقديما قالت محكمة النقض في أحكام شهيرة ان الحصانة مطلقة تحت القبة ونسبية خارجها بمعني أن النائب يستطيع أن يعبر ويهاجم كما يشاء تحت قبة البرلمان أما خارجه فان الحصانة تمتد اليه اذا كان مسلكه له صلة بالعمل النيابي.. أما الجرائم الناتجة عن سلوكيات شخصية للنائب بصفته مواطنا كالقتل الخطأ أو الاستيلاء علي المال العام أو التزوير فكلها لا تمتد اليها الحصانة بالقطع لأنها ليست ريشة علي رأس النائب الذي يسعي اليها بانفاق الملايين علي حملته الانتخابية كي تحميه من الموبقات والخطايا.. ومن المعروف أن طلب رفع الحصانة يأتي من وزير العدل وهناك كم هائل من القضايا في السنوات الماضية انقضت مدتها وسقطت بسبب عدم رفع الحصانة وكذلك كم هائل من ملفات طلب رفع الحصانة وضعت في الادراج ولم تر النور ولم تتمكن النيابة العامة من مساءلة الاعضاء جنائيا ولم تتمكن من الحصول علي الاذن باتخاذ الإجراءات اللازمة وذلك مجاملة للأعضاء المدانين.
وبالتالي فان اطلاق الحصانة علي طول المدي مشكلة جسيمة ولكننا في نفس الوقت نري أن إلغاءها مطلقا أيضا أمر خاطئ لأن النائب يجب ألا يخشي المساءلة تماما مثل القاضي علي المنصة أو الموظف العمومي أثناء أداء وظيفته ولذلك فاننا نتمسك بالمبدأ الذي وضعته محكمة النقض والمشار اليه سلفا.
التعامل مع العضو ممنوع
ومن الناحية الدستورية كما يضيف د.شوقي السيد فان الحصانة مقيدة بالفعل في الدستور وليست مطلقة بغير حدود كما هو مفهوم خطأ.. ولكن المشكلة تكمن في النصوص التي يتم تجاهلها أو تطبيقها بشكل خاطئ أو التحايل عليها.
وهنا نشير الي وجود نص صريح في الدستور يجعل النائب اشبه بالراهب في مجلس الشعب حيث يقول هذا النص إن هناك حظرا للتعامل مع أعضاء مجلس الشعب بمعني أنه لايبيع ولايشتري ولا يستأجر ولا يتولي وظيفة ولا تتم ترقيته ولا تجوز مجازاته وذلك عقب حصوله علي عضوية مجلس الشعب كي لا يقع تحت أية اغراءات أو يسعي الي العضوية لكي يبتز الحكومة॥ ولكن مع الأسف الشديد فان هذا النص عطل ولا يتم العمل به ويتم تجاهله والتحايل عليه.. ولكننا اذا أحسنا تفعيل نصوص الدستور فسوف تتم حماية المجتمع ككل من استغلال النفوذ تحت مسمي الحصانة
المصدر: الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق