الجمعة، 3 فبراير 2012

الشعب يريد ‏:‏ الفاعل المجهول








ماذا يحدث في مصر؟‏..‏ سؤال حائر يبحث عن إجابة‏..‏ هل ما حدث كان في بورسعيد التي تغنينا بها لسنوات طويلة‏,‏







واعتبرتها شعوب العالم رمزا للصمود.. هل هي بورسعيد الباسلة التي دخلت التاريخ أمس الأول ليس بالكفاح ضد عدوان غادر ولكن بتحقيق رقم قياسي عالمي في سفك دماء إخوة الوطن في مباراة كرة قدم؟!

لا أزال غير مصدق نفسي.. أتلفت حولي أجد وجوها شاحبة مثلي أذهلتها الصدمة.. وجوها ترفض الحدث المشئوم لكنها لا تدري كيف تواجهه.. الصدمة كبيرة والمأساة أكبر.. شباب في عمر الورد قتل لمجرد مباراة كرة؟!.. إذا كان ما حدث رواية خيالية, لن تجد عقلا يصدقها.. وإذا كان الأكثر تشاؤما علي وجه الأرض بيننا.. فلن تكون في حساباته..

جماهير ولاعبون يبحثون عن مخرج للهروب من كابوس دام.. شرطة تبحث عن نجدة لإنقاذ ماء الوجه.. عسكري يبحث عن لجنة لتقصي الحقائق.. وبين هؤلاء وأولئك مواطن مصدوم يبحث عن إجابات لحدث لا معني له.. ويطالب بمعرفة الفاعل غير المرئي قبل أن تقيد الحادثة ضد مجهول.. بعدما حققت أحداث لقاء المصري والأهلي ببورسعيد الرقم القياسي في المباريات الأكثر عنفا في تاريخ العالم من حيث عدد القتلي.. وإليكم محاولة لمعرفة الجاني.. فلتقرأوا..

بقايا ساكني طرة

ابتدرنا المهندس ممدوح حمزة عضو المجلس الوطني المصري- الموجود في ألمانيا حاليا- بأنه لا يمكن تفسير ما حدث علي أنه مصادفة أو مجرد حالة من الغضب خاصة أن فريق المصري كان المتصدر للمباراة, والقتلي ينتمون لجانب واحد وهم مشجعو الأهلي, والأخيرون معروف عنهم مواقفهم المؤازرة للثورة, فما تابعناه علي شاشات التلفزيون يوحي بوجود خطة محكمة لتأديبهم بسبب مواقفهم, وإذا لم يتم التطهير ومحاسبة المحرضين ورموز النظام البائد ستستمر أمثال هذه الجرائم التي يقف وراءها بقايا النظام السابق من ساكني سجن طرة لإشاعة الفوضي, وإحراج الداخلية الحالية.

الاعتداءات علي الشرطة والجيش

بينما يرجع طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية أحداث العنف للاعتداءات المتكررة علي الشرطة والجيش في ميدان التحرير, والتي أدت- في رأيه- لانهيار هيبة الدولة, معللا أنه لو تعامل أي من الجهازين مع الأحداث بحزم, سيتم اتهامه بقتل الشعب, وسيخرج الجاني دون أن ينال عقابا, ويصل الأمر حينها للجموع كأنها رسالة لكل من يعتدي عليهم بأنه رمز للثورة!

فمن هنا كان مكمن الخطورة الحقيقية التي ساعد في تزايدها ضعف المجلس العسكري في اتخاذ قرار حازم منذ توليه إدارة شئون البلاد, فضلا عن تأجيله للملفات الساخنة بشكل دائم كملف التمويل الخارجي للحركات والائتلافات, منتظرا قدوم رئيس جمهورية, مما صنع بيننا أبطالا من ورق بعد اتهامهم دون الإعلان عن أي دليل ضدهم.. وبالتالي فماذا ننتظر من بقية أفراد الشعب؟! ويضيف زيدان قائلا: لست مع اتهام العسكري في التواطؤ دون دليل, مثلما أرفض اتهام أي شخص دون دليل.. فالمجلس أصبح علي يقين من استحالة استكماله لما بعد30 يونيو.. ولذا أراه حديثا مستبعدا, ولا نريد شماعة نعلق عليها أخطاءنا.. هو مسئول فقط بسبب ضعفه.

تقاعس أمني غير مبرر

تعجبت الإعلامية بثينة كامل المرشحة المحتملة لانتخابات رئاسة الجمهورية- الموجودة في لبنان حاليا- ممن يردد أن اعتصامات التحرير وماسبيرو الحالية وراء الفوضي التي حدثت في المباراة, قائلة: ما دخل الاعتصامات بمباراة كرة قدم تقاعست الشرطة عن أداء واجبها فيها من حماية الجماهير داخل المدرجات ومنع نزول الجماهير إلي أرض الملعب؟!.. هل نسينا أنها سبق وتدخلت في مباراة المحلة والأهلي؟!.. لقد توافرت شواهد تشير إلي أن المباراة قد تتوقف في أي لحظة من أعمال الشغب.. فأين كان تأمين الجماهير؟!.. أين كانت قوات الأمن المركزي ذات الأعداد الكبيرة؟!.. لماذا تركوا جماهير المصري تصل لجماهير الأهلي لتحدث مذبحة؟!.. لماذا وقفوا كالمشاهدين؟!.. أليس دورهم حماية الجماهير؟!.. كل هذه الأسئلة إجابتها هي استمرار مسلسل البلطجة المدبرة الذي يحيطنا من كل جانب بعد إلغاء قانون الطوارئ بدءا من سرقة البنوك وصولا لمجزرة بورسعيد.. فما حدث موقعة جمل ثانية.

فيلم مبارك.. أنا أوالفوضي

في سياق متقارب كانت وجهة نظر عمرو حامد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة, قال: المشاحنات الكروية ليست بجديدة علينا في مصر, لكن سيناريو أحداث أمس الأول ليس من بينها, والمسئولية الكاملة يتحملها المجلس العسكري بشراكة الداخلية, فالأحداث كانت خطة ممنهجة مستوحاة من فيلم مبارك.. أنا أو الفوضي, بعد شعورهم أنه لا بديل عن تسليم إدارة شئون البلاد إلي سلطة مدنية, ولا للخروج الآمن أي دون محاسبة علي أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء, فلا أحد فوق القانون. فالمجلس العسكري أثبت عدم قدرته علي إدارة شئون البلاد, وأصبح واضحا أن التعامل الأمني العاجز متعمد لبث الخوف في نفوس المواطنين.

الطبطبة الزائدة

علي النقيض يري مجدي عبد الغني عضو اتحاد كرة القدم أن عدم وجود رادع لـ الصيع- حسب تعبيره- جعلهم يتمادون تحت مظلة الانفلات الأمني غير الطبيعي الذي يطبطب عليهم أكثر كلما يزيدون في شغبهم.. فالأمن أصبح في موقف لا يحسد عليه, فإذا واجههم بحسم وشدة يجد من يتحدث عن عودتهم لعدم احترام الآدمية, وإذا لم يتعامل معهم يجد من يتحدث عن تكاسلهم في القيام بدورهم.. ما الحل؟!

الأمور لا تسير بشكل طبيعي نهائيا.. في البداية كانت الجماهير ترفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام لكن اليوم تطور الوضع ووصل إلي أن هناك من يريد إسقاط الدولة.. فما يحدث من تظاهرات هو عمل منظم يحتاج للطرق عليه بيد من حديد.. فللأسف اختلط الحابل بالنابل.. ولا يمكن بهذا الشكل أن يكون لدينا مسابقة دوري كرة القدم, وقد أصدر الاتحاد مبدئيا قرارا بوقف الدوري العام لأجل غير مسمي علي أن يتقرر خلال الاجتماع المقبل دراسة كيفية مواجهة الأزمة سواء بالإلغاء أو اللعب دون جمهور أو أي شيء آخر حسب ما سيتم الاتفاق عليه.

المال هو السر

فيما أشار جمال الغندور رئيس لجنة الحكام السابق قائلا: من الصعب معرفة الفاعل الحقيقي, لكن لو تحدثنا بالمنطق سنجد أن أحداث الشغب الأخيرة حدثت في مباراتي الزمالك والأفريقي التونسي والمحلة والأهلي المكتظتين بالجمهور, وتعظمت وتطورت للقتل هذه المرة, بشكل مرتب ومنظم.. فهناك من يتواجد دائما في الزحام.. من هو؟.. لا أعرف.. ولكن من وراءه يملك المال.

الأحداث الدموية ليس لها أي علاقة بالتحكيم بأي حال من الأحوال.. فالمباراة كانت جميلة من حيث الأداء, وجمهور المصري لأول مرة يشاهد فريقه بهذه القدرات العالية منذ فترة طويلة, والتحكيم كان ممتازا.. إذن, لو أخذنا تلك المعطيات سيكون البرهان أن الأحداث ليس لها أي علاقة بكرة القدم من الأساس. وفي اعتقادي أن وجود روابط وجماعات للتشجيع ستأخذ البلد لمنحني خطير إذا تم استغلالها بشكل خاطئ, فالتشجيع لا يحتاج للتجمعات إلا لو كان هناك فارق بين جمهور فريق ما خارج الألتراس ومن داخله, والخطورة التي أقصدها تنبثق من سهولة تلاعب السيئين بفكر شباب صغير العمر حين يكونون مجموعة, عكس حال كانوا أفرادا يحتاج الوصول لكل واحد فيهم عمرا آخر ليصل لما يريد.

كارثة مدبرة

أوضح شوقي غريب مدرب عام المنتخب الوطني السابق أن المتعارف عليه في الملاعب عند نزول جمهور لأرض الملعب يكون الغرض إرهاب الحكام أو الخصم بسبب خسارة فريقه, لكن حين تكون بهذه الدموية والفاعل جمهور الفريق الكسبان.. فلا تكون إلا واقعة مدبرة وليست وليدة صدفة.. مضيفا قوله: ما تابعناه لم تكن مباراة كرة قدم.. وإنما كارثة في كرة القدم.. علما بأن كلمة كارثة لا ننطقها كرياضيين إلا في حالة سقوط مدرج بالجماهير.

سيناريو أمن دولة قديم

لنقف علي الخطوط الرئيسية من الأحداث بشكل علمي يوضح الرؤية والملامح الأساسية اتجهنا للدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية, والتي أكدت أن ما يحدث في مصر ليس عشوائيا وإنما مخطط, وهذا التخطيط ليس كما يدعي البعض أجنبيا بل داخلي, والدليل تكرار نفس السيناريو الذي يعتمد علي استغلال التجمعات الكبيرة ليدس عناصره داخلها بين الجموع.

وأعتقد أن الواقع لن يخرج عن تنظيمات متصلة بالنظام السابق, لتشابه طريقة التنفيذ مع فكر أمن الدولة القديم, وأفعال الحزب الوطني البائد الذي كان يضم مجموعات مدربة لإثارة الشغب والبلبلة, ونلاحظ تزامن هذا السيناريو كلما يحدث انتقاد لاذع لبقاء حكم العسكر كأن المراد رسالة مفادها أن مصر في حالة لا تصلح لتغيير الحكم.

اليوم وصلنا للمرحلة التي لا يمكن معها عزو الأحداث إلي الصدفة أو التعصب في أي موقف, فما حدث ليس تعصبا أو موقفا تلقائيا, وإنما موقف منظم منظم, ولابد من التدخل الحاسم مع كل من يهمل في تأدية واجبه, خاصة الأمن المسئول عن مقاومة هؤلاء المندسين.

وإذا قرأنا المجتمع بشكل دقيق, سنجد أن تبرير تخوف الشرطة من التلاحم مع المواطنين خشية تعرضهم للانتقاد ما هو إلا شماعة لتقاعسهم عن تأدية واجبهم في الوقت المناسب, بدليل أن الشعب نفسه يدعمهم ويشجعهم حين يتم القبض علي الخارجين علي القانون.
















المصدر : الاهرام




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق