الخميس، 8 ديسمبر 2011

بعد فوز تيار الإسلام السياسي باكتساح في الجولة الأولي من الانتخابات‏:‏القلق‏..‏ يجتاح الشارع المصري‏!‏



بعد فوز تيار الإسلام السياسي باكتساح في الجولة الأولي من الانتخابات‏:‏القلق‏..‏ يجتاح الشارع المصري‏!‏

قد يكون التيار الديني بجناحيه‏(‏ حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ـ والنور السلفي‏)‏ قد نجح في الحصول علي أغلبية المقاعد في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية‏,‏ لكنه فشل في طمأنة الناس‏,‏



اى مستقبل ينتظر مصر؟
اى مستقبل ينتظر مصر؟


وعجز عن إزالة المخاوف التي انتابتهم من سيطرة تيار الإسلام السياسي علي البرلمان ومن ثم تشكيل الحكومة, أو الوصول إلي الحكم!
في الفضائيات, وعلي صفحات الصحف, لا يكف ضيوف التيار الإسلامي عن إطلاق سيل من التصريحات التي تتحدث عن تطبيق الشريعة, والحدود, وفتاوي التحريم التي انطلقت في كل مكان, لدرجة جعلت المجتمع المصري بمسلميه وأقباطه ـ يشعر بالذعر, والخوف, علي مدنية الدولة, والحريات العامة للمواطنين.
مستقبل مظلم للثقافة
وفي ظل الفتاوي التي يطلقها بعض شيوخ التيار الإسلامي, يري الأديب جمال الغيطاني أن مستقبل الحركة الأدبية سيكون مظلما في ظل تولي التيار الإسلامي السلطة, وكل الإشارات تصب في هذا الاتجاه, حيث سيتم التضييق علي الأدب, مادام هناك من يري أن أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ ملحد, وأنه يكتب عن الأعمال المنافية للآداب, وعن المخدرات.. لكني أقول إن الثقافة المصرية ليست سهلة, وأن المثقفين سيدافعون عنها, لكننا بشكل عام سنمر بظروف صعبة.
السياحة في خطر
ولا تختلف مخاوف الغيطاني علي الحركة الأدبية والفنية عن مخاوف المستثمرين السياحيين, خاصة بعد الحديث عن فصل الشواطئ السياحية, ومنع الاختلاط بها, وهنا يبدي أحمد عبدالعزيز المستثمر السياحي مخاوفه علي الحركة السياحية, مؤكدا أن ما يثار من تصريحات في هذا الشأن سوف يؤثر علي الحركة السياحة, والأنشطة المرتبطة بها, مؤكدا أن السياحة تعد أحد مصادر الدخل القومي, فضلا عن انخفاض أعداد السائحين, وخفض طاقة الإشغال بالفنادق, وتسريح العمالة, ورفع معدلات البطالة.
الإنتاج الفني والسينمائي
غير أن الكاتبة والناقدة السينمائية ماجدة خير الله تري أن الحديث عن محاربة الفن والثقافة مستحيل في بلد بحجم وقيمة مصر, وبحضارتها العريقة, كما أن حركة السياحة, والإنتاج الفني والسينمائي لن تتأثر أبدا بالرغم مما يثار من تصريحات وفتاوي, مشيرة إلي أنها لا تعير مثل هذه التصريحات أي اهتمام لأنها تعد نوعا من العبث.. وتسألني: هل يستطيعون حجب أدب نجيب محفوظ, وهو مترجم إلي العديد من اللغات في العالم؟.. وتجيب المجتمع المصري لن يسمح بمثل هذه الممارسات إذا حدثت.. فنحن لا نعيش في عصر الكهف, ولا توجد آلية لدي الإسلاميين لتطبيق ما يقولونه.
وفيما يتعلق بوقف إنتاج الأفلام السينمائية والمسلسلات في حالة وصول الإسلاميين إلي الحكم, والتوجه نحو إنتاج أعمال إسلامية تقول ماجدة خير الله إن ذلك أمر غير منطقي, ولا أعتقد أنهم سيصلون إلي الحكم أصلا, ومن سيشاهد مثل هذه الأعمال, ومن سيسمح لهؤلاء بإفساد صناعة السينما التي تقدر استثماراتها بالمليارات, وتستوعب آلاف العمالة؟
الفتاوي المتشددة
وحين نبحث في الأسباب التي أدت إلي حالة الذعر الذي أصاب كثيرا من الناس في مصر, والمخاوف المطروحة من وصول التيار الإسلامي للحكم, وتطبيقهم الشريعة, خاصة بعد فوزهم في الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية, نجد أن الأمر يرجع في رأي الدكتور رفعت سيد أحمد الخبير في الإسلام السياسي إلي الخطاب السياسي الاقصائي لهذه التيارات, وعدم مراجعتها لخطابها الديني الرافض للآخر, والآخر هنا ينقسم علي سياسي( الليبرالي, والقومي, واليساري) والديني( الأقباط), فضلا عن الفتاوي المخيفة, ومنها تكفير الديمقراطية, وتحريم دخول البرلمان والتشريع بغير ما أنزل الله, وتحريم عمل المرأة, واعتبار النصاري أهل ذمة, وعليهم أن يدفعوا الجزية, وضرورة ستر الآثار لأنها عورة, ولبس المرأة للكعب العالي حرام, والمشكلة في هذه الفتاوي أنها حاكمة للعقل السياسي لدي التيار الديني.. والمؤسف أنه لم تتم مراجعة هذه الفتاوي, ولم يعتذروا عنها.
ومن أسباب الذعر أيضا, والكلام مازال لخبير الإسلام السياسي أن تجارب الحكم الإسلامي في المنطقة مخيفة, وفاشلة, وأذكر هنا ما حدث في السودان, والصومال, والجزائر من قبل, ومن ثم فإن هذه التجارب هي مصدر خوف, وإذا كان البعض يقول إننا يجب أن نجرب حكم الاسلاميين فإنني اسألهم: ولماذا نجرب مادامت هناك تجارب فاشلة في الدول المحيطة بنا؟
وتكمن الحلول في أن يكون ميدان التحرير في مواجهة البرلمان المقبل, والحفاظ علي البرلمان كقيمة ورمز, وضمير معبر عن الثورة, لإحداث التوازن في المستقبل, وليس كاعتصامات مستمرة, وعلي الجانب الآخر, تحتاج هذه التيارات إلي إعادة تأهيل سياسي من جديد, وأن يكون هناك ائتلاف وطني حقيقي وواسع وليس قائما علي الانتهازية السياسية, فضلا عن ربط قضايانا الوطنية بمشاكلنا الداخلية.
فقه الدعوة.. وفقه الدولة!
الحركات الإسلامية في رأي الدكتور ناجح إبراهيم الداعية الإسلامي ومؤسس الجماعة الإسلامية ـ ظلت طوال تاريخها تهتم بفقه الدعوة, ولا تهتم بفقه الدولة, وتهتم بالجماعات, ولا تهتم بالدولة, ولذلك من الخطورة أن يأتي بعض الإسلاميين الذين لا خبرة لهم بالعمل السياسي لكي يقودوا الدولة بعقلية الجماعة, ولكي يسيروا الدولة بفقه الدعوة وليس بفقه الدولة.. وفقه الدعوة هو أن تدعو صنف المسلمين, كأن يدعو السلفيون أنصارهم من السلفيين, أو يدعو الإخوان أنصارهم من الإخوان.. وهكذا, وهؤلاء يسمعون ويطيعون ويقولون أمين, وليس بينهم معارض أو مخالف.. وكلهم في الأغلب صالحون ومتمسكون بالدين.
ولا يجب أن يخرج فقه الدعوة عن المسجد, وأماكن الدعوة الأخري..إنما يعني فقه الدولة أنك تقود جميع أطياف المجتمع بجميع دياناتهم وأفكارهم, وفقه الدولة يقوم في التعامل الخارجي ليس علي أساس العقائد والولاء والبراء, وإنما يقوم علي المصلحة, وهناك أناس قادوا الدولة بعقلية الجماعة وبفقه الدعوة مثل حركة طالبان التي حطمت تماثيل بوذا فقام الهنود بحرق المصاحف, وتركت الحبل علي الغارب لتنظيم القاعدة, فتم احتلال أفغانستان.
الحل في رأي الدكتور ناجح إبراهيم ـ يكمن في أن يكون الإعلام محايدا, وأن يأتي بضيوف لهم علاقة بفقه الدولة, والفقه السياسي, لا أن يأتي الإعلام بأشخاص ضعاف, وليس لديهم خبرة في فقه الدولة فيثيرون ذعر المجتمع, ورعبه, ومخاوفه.. وعليهم الحديث عن برامج لإصلاح المجتمع, وحل مشاكله, والنهوض به.
سماحة الإسلام
الإسلام كما يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر سابقا هو دين يسر, وسماحة, وقد قال النبي ادرءوا الحدود بالشبهات.. أي أن من يسرق ليأكل, لا تقطع يده, بل يجب أن توفر له كل متطلبات حياته أولا, ثم نطبق عليه الحد إذا أخطأ, أما من يتحدثون عن تحريم عمل المرأة فإنني أقول ليس هناك في الإسلام ما يمنع عمل المرأة إذ يقول المولي عز وجل: لهن مثل الذي عليكن بالمعروف, وللرجال عليهن درجة وفي أية أخري: للرجال نصيب مما اكتسبوا, وللنساء نصيب مما اكتسبن, ومن ثم فليس هناك ما يحرم عمل المرأة.. بشرط ألا يغلق باب علي رجل وامرأة, وإلا تعتبر خلوة.. أما الاختلاط في طلب العمل فهو جائز وفقا لأراء كل الفقهاء, ويمكن وضع ضوابط لهذا الاختلاط..
خصوم الإخوان
هذه الفترة ساخنة, والخصوم يحاولون صرف الناس عن الإخوان, عن طريق إثارة الافتراءات, وترويع الناس بادعاءات غير صحيحة, بغية التأثير علي العملية الانتخابية.. نحن نتحدث عن برامجنا في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ومثل هذه الحوارات علي الفضائيات يتم توجيهها نحو موضوعات تافهة كأن يتحدثون عن رشاوي انتخابية, أو الحديث عن دعاية انتخابية للإخوان في مكان معين, في الوقت الذي يمارس فيه الجميع مثل هذه الأمور.. هكذا قال لي الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين.
أما الخوف من تطبيق الشريعة من جانب البعض, فمرجعه عدم فهم الناس للشريعة فهما كاملا وصحيحا, فالشريعة تبدأ ببناء الانسان بالعقيدة, والعبادة, والأخلاق, والقيم, والتصورات, الأمور التي من شأنها أن تنشئ إنسانا حي الضمير, يراقب الله سبحانه, ويفعل الخير ويتجنب الشر دون خوف من عقوبة قانونية, ثم بعد ذلك تقرير الحريات العامة للناس, وحق الشعب في السيادة واختيار ممثليه ونوابه, ورئيسه, ومتابعتهم, وحسابهم, كذلك الفصل بين السلطات وتداول السلطة, والعدالة الاجتماعية, وتقرير حد أقصي وأدني للأجور, وتوفير فرص العمل لكل قادر, والأجر المناسب لكل عامل والرعاية الاجتماعية لكل عاجز.
ونحن كجماعة الإخوان كما يقول متحدثهم الرسمي حين نريد أن نحقق أمرا, فإننا نسلك إليه أسلوب الإقناع والإرشاد والدعوة, والتدرج, وتوفير المناخ المناسب, وتقديم القدوة الحسنة.. وبكل هذه المسائل نستطيع أن نصل إلي كل ما نريد, وينفذها الناس عن رضا وطواعية إرضاء لله سبحانه وتعالي وحفاظا علي القيم والثقافة والحضارة الإسلامية التي يحترمها غالبية الشعب.
ولاشك أن هناك من يطلقون تصريحات متشددة علي الفضائيات تخيف الآخرين, وننصح الجميع بمراعاة اللياقة, وأن يدعو إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
لا إكراه في الدين
غير أن الدكتور عبد الله شاكر رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار السنة المحمدية ورئيس مجلس شوري السنة والسلفيين يدعو إلي أن يكون طرح القضايا مؤيدا بسماحة الإسلام, وأن يكون الكلام عن أمور الدين والشريعة واضح ولين, وأن يقدم للناس صورة الإسلام الصحيحة, وعدم ترويع الناس وإخافتهم باسم الإسلام, فالإسلام لا يقوم علي إجبار الناس, ولا إكراههم علي أمور معينة, وإنما قبل أن نتحدث عن تطبيق الحدود,لابد أن نهيئ المناخ الملائم لذلك, فلا يعقل أن يتم تطبيق حد السرقة علي أناس لا يجدون متطلبات حياتهم, ومن ثم يجب توفير لقمة العيش لهم, ثم بعد ذلك نضع الأمور والقواعد في نصابها الشرعي الصحيح, مشيرا إلي أن المناخ والبيئة الإسلامية تستوعب كل التوجهات, والأديان القائمة, فالنبي صلي الله عليه وسلم عايش اليهود وعقد معهم معاهدات, وهم نقضوها وخالفوها, وليعلم الجميع أن مبادئ الإسلام سمحة, ولا تقصي أحدا, وتقوم علي التعامل السمح, واللين والرفق بخلق الله علي العموم, كما أنها تتسع للجميع








المصدر: الاهرام






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق