داخل الميكروباص المتجه إلى «كفر حجازى» بمحافظة الجيزة، تبدأ الحكايات، «هى ينفع عيّلة عندها 9 سنين تتجوز؟» فترد «أم علاء»، إحدى الراكبات بحزم، «لا، ولا 15، ولا 20 سنة، تعالى شوف بنت أحمد إبراهيم اتجوزت صغيرة وخلفت، جات ليلة امبارح تعبت، زى كل يوم، عيال بتخلف عيال، ولا جارتنا التانية اللى اتجوزت صغيرة برضو، جت ساعة الولادة معرفتش تخلف طبيعى، العيل مات فى بطنها، وعملوا لها عملية قيصرية، عشان تطلعه، وكانت هاتموت، كلهم صغيرين وضعاف».
فى طرقات قرية «الرهاوى» التابعة للوحدة المحلية بقرية «كفر حجازى»، تقف العديد من الفتيات الصغيرات على أبواب البيوت، بعضهن ينظفن، وأخريات يجلبن أغراضا لعائلاتهن، حنان مهدى واحدة من هؤلاء، بدت فى الجلباب الريفى، والطرحة السوداء أكبر من عمرها بكثير، رغم أن عمرها لم يتعدّ بعد الـ15، اتخطبت قبل 3 أسابيع، لكنها تعتبر نفسها كبيرة بما يكفى، حين تقارن نفسها بابنة عمها التى تزوجت فى عمر الـ13 عاما.
فى مدرسة الفصل الواحد «نجع العرب صديقة الفتيات» التى تضم مراحل عمرية عديدة، يجلس التلاميذ إلى جوار بعضهم يتلقون الدروس، لكن حين يأتى قطر الزواج، يعصف بكل الأحلام، ويوما بعد آخر يفتقد الطلبة زملاءهم فى الفصل، وحين يسألون تكون الإجابة «أصلهم اتجوزوا».
أميرة ربيع، ابنة الـ 13 سنة، فوجئ زملاؤها بخبر خطبتها، لكنها لم تلبث أن جاءت إلى الفصل، حيث تدرس فى عامها السادس الابتدائى، وصححت لهم المعلومة «ماتخطبتش، بس قايلين عليا».
أميرة
أما سارة، الفتاة الصبوحة، ملونة العينين، فكانت أختها نجلاء بالأمس تجلس إلى جوارها فى الفصل، لكنها انتقلت من الدكة لمنزل الزوجية، «اتجوزت وهى عمرها 15 سنة».
«ناس كتير فى الفصل غابت عشان مخطوبين وبيتجوزوا» قالتها مدرسة الفصل، الأستاذة منى سامى، وأضافت: «منى وياسمين ونادية، وشيماء وأحلام، وفاطمة وغيرهم بنات كتير، كلهم بيتجوزوا فى سن الـ13 والـ12، وبيخلفوا، والأولاد ما بتتقيدش رسميا، إلا بعد كتابة الكتاب، إحنا عندنا هنا فى البلد، شغل أغلبية الفلاحين حفر آبار ارتوازية، وبيموت منهم ناس كتير، وفيه بنات كتير متجوزة من غير كتب كتاب، وبيصبح الطفل المولود مش مقيد، والأم أرملة قبل عقد القران، وفى الحالة دى بيتم كتابة الطفل باسم أب الزوج، أو بيدوخوا ورا قضية نسب، ده غير حالات الوفاة، زى جارتنا، مرات سامى اللى ماتت عشان اتجوزت وحملت قبل السن القانونية، وتوفيت أثناء الولادة، غير أن الأطفال بتكون ناقصة نمو، وبتحتاج حضانات، وكتير منهم بيموتوا ومشاكل كتير».
«نادية» حضرت دروسها يوم الحنة.. و«منى» استحلفت مدرستها «مش عاوزة اتجوز والنبى يا أبلة»
وتضيف: «نادية، كانت أصغر طالبة عندنا تتجوز، جات يوم الحنة، وقالت لنا أنا هاجى لحد آخر لحظة، مكانتش عاوزة تتجوز، وكانت زعلانة عشان هاتبطل تعليم، اتجوزت وخلفت ولسه مبلغتش السن القانونية، بتيجى دلوقتى تزور المدرسة، وتسلم علينا، هى وابنها، بافتكر كلمتها لما كانت بتترجانى مش عاوزة اتجوز والنبى يا أبلة».
الأستاذة سوزان عبدالظاهر، مدرسة أخرى فى الفصل، تتذكر منى محرم، الفتاة التى تعلق قلبها بالمدرسة هى الأخرى، تزوجت فى سن الـ13 سنة، وأنجبت طفلين، قبل السن القانونية، تقول «لما باشوفها، بتصعب عليا، شكلها غريب، أول تعليق يخطر فى بالى إزاى بقت أم، وطفلها مش عادى، ناقص فى كل حاجة، رفيع وضعفان، وحالته صعبة، والأم كمان».
المدرسه مني
وتضيف: «بيصعبوا علينا، ومع ذلك مانقدرش نعمل لهم حاجة، خالص، ولا نقدر نروح لأهلهم نقول لهم لا، كنا بنحاول، لكن مفيش فايدة، الموضوع مستمر، وباشوف بنات صغيرة متجوزة ومخلفة، بتروح عند دار أبوها وأمها، تسيب ابنها، وتخرج تلعب مع العيال فى الشارع».
فى مدرسة الفصل الواحد «صديقة الفتيات بالرهاوى»، وقفت المدرسة نادية شعبان، بين طالباتها، تلقى عليهن الدروس، ويلقين عليها الحكايات، لا يغيب عن بالها الطالبة «هنيات عبدالرازق» الصغيرة التى توفى والدها، فاجتهدت فى دراستها، تقول أستاذتها: «كانت فى سنة رابعة ابتدائى، شاطرة جدا، أمها كانت بياعة خضار فى السوق».
أغرت الأم ابنتها ذات الجسد الضئيل بالزواج، وبشقة منفصلة، وأثاث جديد، زوجتها فى قرية مجاورة اسمها «نكلة» لم تلبث أن طلبت البنت الطلاق بعدها بشهر واحد، ولم تكن كتبت كتابها بشكل رسمى بعد، جاءت إلى أستاذتها تحكى لها الأهوال التى لاقتها فى بيت الزوجية التعيس، «جات لى وقالت لى يا أبلة مفيش اتفاق، ولا فى حاجة خالص، اكتشفت إنه مش طبيعى، وعنده إصابة فى جسمه تمنعه من الجواز، وهو نفسه اعترف لى، وقال لى ليلة الجواز إنه كان بينط سور وحصل له إصابة تمنعه من الجواز، وأهله عارفين عشان كده جوزوه من قرية تانية، خرجت البنت ومخدتش أى حق من حقوقها، خدوا دهبها، وطلقوها بعد مرمطة»، شكت الفتاة لأستاذتها، وأخبرتها من التفاصيل ما يقشعر له الأبدان، والتى وصل بها الحال لاستئذان والدة العريس كى تدخل إلى دورة المياه وذلك بخلاف اكتشافها أنه مدمن مخدرات.
الطالبة المتفوقة «هنيات».. أخرجتها أمها من المدرسة وزوجتها لـ«مدمن»
ليست هنيات وحدها، «بنات كتير سابوا المدرسة عشان يتجوزوا، حتى فى وقت الامتحانات»، تتذكر المدرسة مريم شعبان الدمرداش، التى كانت تفوق هنيات فى تفوقها، الصغيرة التى كانت تحفظ 21 جزءا من القرآن الكريم، كان عمرها 14 سنة، وتزوجت قبل أيام قليلة، فالإغراء واحد فى كل الحالات، تقول المدرسة: «هنا فى البلد، البنت بتفرح إن هيبقى لها أوضة لوحدها، وهاتلبس دهب وعبايات، مخ أطفال مش مدرك، لكن بعد الجواز تشوفيها تلاقيها جثة هامدة، مفيش أى حيوية أو نشاط، لما باروح السوق باشوفهم، ولما باسألهم عن حالهم يقولوا لى بلا مبالاة: الحمد لله يا أبلة، هانعمل إيه يعنى؟».
المصدر الوطن
========
اقرأ أيضا :
* وما أدراك ما الجيش إذا غضب ! ... اضغط هنا
* إبراهيم منصور يكتب: فضيحة تأسيسية مرسي! .. اضغط هنا
* أنجلينا جولي تشرك ثلاثة من أبنائها في فيلم الشريرة .. اضغط هنا
* «كلمة مرور» أسوأ كلمات المرور لهذا العام ... اضغط هنا
* صرخة أنجلينا جولي والصمت المريب لحمـــــاس! ... اضغط هنا
* لا تلق نواة البلح ..!
* لغز الرجل الكبير ... اضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق