حسام فتحي
.. على سور كنيسة سانت فاتيما بمصر الجديدة، وتحت جنح الظلام كتب مهووس حاقد عبارات: "ارحلوا فمصر إسلامية"، وسبابًا خادشًا لشركائنا في الوطن، إخوتنا المسيحيون، لم يدر بخلد هذا المهووس المتعصب أن مصر أكبر منه ومن كل المتعصبين، ولم يقنع بأن الدين لله.. والوطن للجميع، ولم يفهم أن عبقرية «مصر» في كونها بوتقة يدخلها الجميع، لينصهروا.. و«يظلوا» فيها فقط «مصريين»، احتلها الهكسوس واليونانيون والرومان والمغول والفرنسيون والإنجليز والأتراك وانكسر على صلادتها التتار، وتقاتل على أرضها الألمان والإيطاليون والبريطانيون والفرنسيون، ولجأ إلى أحضانها هربًا من القمع الأرمن، والشوام، واستقر في دفئها اليونانيون والإيطاليون، وتعايش على ترابها اليهود والمسيحيون والمسلمون.. ولم تتغير المحروسة، بل أصبحوا جميعًا مصريين، احتفظ كل بدينه في قلبه، وعاداته في مظهره ومنزله، لكن لسانه وتفكيره أصبح مصريًا.. شاء أم أبى. تلك هي مصر أيها السفيه التافه الذي تعتقد أن كلمة سافلة على جدار مسجد، أو عبارة بذيئة على سور كنيسة، أو رسماً حقيراً على حائط معبد قادرة على تحطيم وحدتها الوطنية.. إن الكراهية والحقد اللذين يملآن قلبك الأسود لن يلوثا غير نفسك أنت فقط، أما العبارات التي سطرتها يد «الفرقة» فستزال من النفوس والقلوب بنفس البساطة التي فعلتها هذه الفتاة العشرينية «المحجبة» ورفيقاتها اللائي قمن في الصباح وأعدن صبغ جدار الكنيسة الذي حاولت يدك الآثمة زرع الفتنة عليه، ذلك المشهد الذي ربما لو كنت شاهدته لمُتَّ كمداً، ولانفجر قلبك الأسود غيظاً، أما من شاهده من المصريين الأسوياء فقد اغرورقت عيناه بدموع الفرح ولهج لسانه بالدعاء والثناء على الله الذي جعل في مصر شباباً واعياً محترماً، يغير الباطل بيده في صمت جليل، ويرسل رسائل سماحة الإسلام إلى العالم أجمع في صمت بليغ. تلك هي مصر أيها الناس.. مصر التي هي أكبر من أن تحكمها عمامة «مرشد» سواء جلس في مصر، أو قبع في «الأستانة» أو اختفى في فندق «بيتش هوتيل» كما يفعل العقل السياسي المدبر للجماعة محمود عزت، الذي يدير المعركة من غزة تحت حراسة «أشاوس» حماس! تلك هي مصر أيها المصريون التي هي أكبر وأعظم من أن تحكمها «بيادة» جنرال كما يدعون، سواء تأسى بعبدالناصر أو ألبسوه قميص «ضياء الحق»!! نحب جيشنا، خير جند الأرض – ومن لا يعترف بالحديث النبوي فليمت بغيظه - لكن هناك ثورة قامت فجرها شباب صادق العزيمة.. طاهر القلب.. مخلص النوايا، لم يجد قائدًا يأخذ بيده، فاختطفتها «جماعة» منظمة «قطبية» الفكر، «مودودية» العقل، يكفر قادتها المجتمع المسلم، وينادي مرشدها الأسبق بفرض الجزية على «النصارى»، وتوقن قلوبهم بأن ما قاله «سيد قطب» هو الإسلام، وما دونه كفر صراح. جماعة قال عنها أبناؤها (المهندس أبو العلا ماضي تحديداً): «إنها مثل القطار الذي كان متجهًا إلى مدينة ما، وقام بعض الأشرار باختطافه وتغيير مساره»!! ولمن تعجب من «تكبير» الإخوان المعتصمين في «رابعة» عند سماع «إشاعة» اختراق جيش الصهاينة لحدود مصر، وقتلهم الإرهابيين، شماتة منهم في «خير جند الأرض»، أقول لهم إن من يظهر فرحته في اختراق حدود بلاده من الصهاينة كي يشفي غليله من جيش بلاده، لا يستحق أن يكون مصرياً أصلاً. نعم.. هي مصر.. لو تعرفون.. كانت وستعود منارة للعالمين، قد تضعف قوتها.. وربما يوهن عزمها.. واحتمال أن يمرض جسدها – لكنها مصر – أبداً – لن تموت. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. حسام فتحي
المصدر المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق