محمود سلطان
بعد قرار الإخوان المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيه 2012، طالبنا قادتها بأن يجدوا حلاً لتسوية أزمة "تعدد الولاءات" داخل الجماعة.. على أساس أن التنظيم بات يتكون من ثلاثة أنساق: الجماعة، الحزب والتنظيم الدولي.. فإلى أي تلك الكيانات سيكون ولاء "الأخ ـ العضو"؟! كما أن هذه الأزمة، طرحت سؤالاً آخر، بشأن مدى ملاءمة، أن يكون رئيس الجمهورية، منتميًا إلى تنظيم دولي.. وهو إشكال قانوني قد يضع "العضو" أمام تهمة "التخابر" مع جهات أجنبية.. وهي المعضلة التي تعاملت معها الجماعة باستعلاء بالغ الاستفزاز، فيما تجاهلت تداعياته على مرشحها للرئاسة حال فوزه بالمنصب. اليوم يكابد الرئيس "الإخواني" السابق، مشقة درء الشبهة، فهو متهم بـ"التخابر" مع إخوان فلسطين "حماس".. وبالمشاركة مع "جهات أجنبية" في اقتحام السجون وإطلاق سراح معتقلي الجماعة، ومن بينهم د.مرسي، وذلك أثناء الأيام القليلة التي تلت يوم 25 يناير عام 2011. أعلم أن التهمة، قد يكون مبالغًا فيها، وقد تكون إحدى أدوات "التصفية السياسية" للجماعة من جهة ولـ"مرسي" من جهة أخرى، وذلك قبيل الترتيبات التي مهدت للإطاحة به يوم 3/7/2013. هذا ربما يكون صحيحًا، غير أنها إحدى ثمرات تجاهل الإخوان للأصوات التي طالبتها بضرورة وجود حل حقيقي ومقنع لمسألة تعدد الولاءات داخلها.. خاصة علاقتها بـ"التنظيم الدولي".. لأنه الباب الذي يمكن أن يفتح عليها أبواب جهنم، بمعناه الحقيقي لا المجازي. كانت الجماعة تصر بشكل يثير الاستغراب، على أن تظل متمسكة بـ"الجماعة" الخارجة عن القانون، وبـ"التنظيم الدولي" بكل ما يحمله الارتباط به من مشكلات أمنية دولية معقدة.. رغم أنها حصلت على ترخيص بمزاولة العمل السياسي الشرعي، من خلال حزب "الحرية والعدالة".. وهو الإصرار الذي جعل من الأخير محض واجهة لتمرير مشروع دولي يستهدف تفكيك الهوية الوطنية المصرية، لصالح هوية تنظيمية عابرة للحدود، ظاهرها "دولة الخلافة" وباطنها جماعات مصالح "مافياوية" غير محددة المعالم. قبل عزل د.مرسي، كانت الصورة التي حاولت أن تقدمها الجماعة، بشأن علاقتها بالتنظيم الدولي.. تؤكد على "العلاقة الروحية" وحسب، غير أن خروجها من السلطة بعد 30 يونيه الجاري، كشف عن عمق هذه العلاقة، ودخل التنظيم الدولي على خط الأزمة، من خلال تشغيل أكبر ميكنة للأكاذيب والشائعات والشتائم على شبكات الإنترنت التي تنال من سمعة ووطنية الجيش المصري.. ومحاولة كسر وحدته الداخلية، وإثارة الفتن بين ضباطه وقادة أسلحته وجيوشه، على النحو الذي عزز من صدقية المقاربات التي كانت تستهدف إثبات أن الجماعة لم تكن "أمينة" على الدولة المصرية، بعد أن تبين أنها لا تتورع في الاستعانة بـ"التنظيم الدولي" لحرق البلد كله، وتفكيك جيشه، والتهديد بإحالته إلى طبعة مستنسخة من النموذج السوري الآن.. لمجرد أنهم فقدوا المقعد الرئاسي.
المصدر المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق