الجمعة، 2 مارس 2012

السلوك الاستهلاكي للأطفال‏..‏بين الخطأ والصواب


يتفاوت سلوك الطفل في استهلاك السلع الاستهلاكية من أسرة إلي أخري‏,‏ وقد أظهرت الدراسات
 أن كثيرا من الأسر تعاني من زيادة مشتريات وإستهلاك أطفالها من السلع الغذائية, مما يشكل عبئا علي ميزانية الأسرة قد لاتتحمله في معظم الأحيان, في حين نجد أن هناك أسرا يتمتع اطفالها بالإعتدال في شراء واستهلاك السلع الغذائية ولاتمثل مشكلة لديها.
فهل تلعب عوامل التنشئة الاجتماعية للمستهلك والتي تتمثل في الوالدين, وإعلانات التليفزيون دورا في تشكيل هذا السلوك؟؟ أم أن هذا الإختلاف راجع إلي عوامل أخري أو ربما يكون وليد الصدفة؟؟
فقد عرف العلماء السلوك الاستهلاكي لدي الأفراد عموما والأطفال بشكل خاص بأنه نوع أساسي من أنواع السلوك الإنساني, فهو يوضح العملية التي يتم من خلالها التصرفات المختلفة لشراء السلع والخدمات, والسلوك الاستهلاكي للأطفال هو أحد العمليات التي تحدث في المجتمع ويشترك فيها مؤسسات كثيرة مثل الأسرة وجماعة الرفاق وجماعة العمل ودور العبادة, ويتحدد سلوك الإستهلاك لدي الطفل بالتفاعل بين خصائصه العقلية ومقومات البيئة المحيطة به والتي تتمثل في التنشئة الإجتماعية, والتي تشير بشكل خاص إلي العمليات المتعلقة بتعلم الطفل المهارات والمعرفة والإتجاهات الفردية الكاملة للقيام بدور المستهلك, فكل مايتعلمه الطفل من مهارات ومعارف وقيم واتجاهات إستهلاكية تستمر معه طوال حياته.
وكما تؤكد د. أمل محمود الغنيمي الأستاذ بكلية التجارة جامعة عين شمس: أن الطفل يتعلم السلوك الإستهلاكي من خلال سلوك الآخرين الذي يحتك بهم في حياته, مثل الأسرة والمدرسة والنادي والجيران والرفاق ويطلق عليهم مؤسسات أو وكلاء التنشئة الاجتماعية, لما لهم من دور كبير في تشكيل سلوكه وتعزيز بعض أنماط السلوك المقبولة اجتماعيا لديه والتقليل من السلوك غير المقبول, إلي أن يصل إلي مرحلة التفاعل الاجتماعي, والتي فيها يقوم بتقليد ومحاكاة سلوك الآخرين والمتعاملين معه, أي أن الطفل لايستطيع أن يتعلم السلوك الإستهلاكي بمفرده دون الإحتكاك والتعامل مع الآخرين.
مدارس السلوك الاستهلاكي
ويتعلم الطفل السلوك الاستهلاكي من خلال مؤثر أو دافع قد يكون داخلي أو خارجي يحركه نحو تحقيق هدف معين, فمثلا: عندما يشاهد الطفل إعلان عن سلعة ما في التليفزيون, أو يشاهد أحد أصدقائه أو رفاقه يتناولون سلعة غذائية معينة مؤثر خارجي يتولد لديه دافع داخلي بضرورة إمتلاك هذه السلعة فيقوم بطلبها من والديه- أو أحدهما-, وعندما يستجاب لطلبه فإنه يكرر ماقام به ويلح علي كل مايريده حتي يحصل عليه, وقد قامت جامعة عين شمس بدراسة علي عينة ميسرة مكونة من40 طفلا من أطفال المرحلة العمرية8-9 سنوات من مختلف المدارس الحكومية والخاصة والتجريبية, وكذلك40 من أمهات تلك المرحلة بهدف التعرف علي السلوك الإستهلاكي لاطفال هذه المرحلة, وبتوجيه مجموعة من الأسئلة لكل من الأطفال والأمهات وجد أن أطفال هذه المرحلة يفضلون شراء السلع الإستهلاكية الغذائية ويتعرفون عليها من المحلات والأكشاك المجاورة للمدرسة, وأن الإعلان التلفزيون مصدر الأطفال للسلع الغذائية, يلي ذلك مشاهدة الأطفال بعضهم لبعض, وأن الأطفال يفضلون أخذ المصروف الشخصي بشكل يومي- يتراوح بين جنيه وثلاثة جنيهات- والذي لايكفي لشراء مايريدونه من السلع ولايمكنهم من إدخار جزء منه, رغم ذلك فإن معظم الأمهات يتجاوزون الميزانية المخصصة لأطفالهم ولايرفضون طلب أبناءهم في شراء المزيد من هذه السلع وكأن لسان حالهم يقول: لاأريد إبني أن يكون أقل من زملائه! ممايتسبب لهن في ربكة مادية وينمي لدي أطفالهن حالة من الشره الإستهلاكي, حيث أكدت الدراسات أن التسويق للمنتجات والرغبة في إمتلاكها يبدأ عند الأطفال من عمر سنتين-حتي لو لم يقوموا بشراء المنتجات بأنفسهم- ويستطيع الأطفال في هذا العمر أن يتعرفوا علي أكثر من صنف, ويقوموا بترديد أسماء المنتجات السلعية الغذائية بسهولة, وقد وجد أن الأطفال في عمر3-4 سنوات تمكنوا من قراءة العلامة التجارية للسلع الغذائية وأنهم يطلبون من والديهم علامة تجارية معينة, وعندما يصل هؤلاء الأطفال لعمر7 سنوات يفضلون أصنافا علي أصناف أخري منها, وأن هذه الأصناف تنتقل معهم في سن الرشد, ومن جهة أخري فإن رجال التسويق يسعون إلي تسويق العلامة التجارية في مرحلة الطفولة وتكثيف جهودهم التسويقية من أجل بناء ولاء الأطفال للعلامة التجارية, فقد اعترف المعلنون بأن الولاء للعلامة التجارية وتكوين العادات الإستهلاكية يتشكل في الصغر إنتماء الطفل لماركات السلع في الصغر يجعله يطلبها في الكبر لذلك فإنهم ينفقون مئات البلايين من الدولارات سنويا في أنحاء العالم في الإعلانات الموجهة للأطفال.ا
الأطفال المتجددون
وقد أكدت الدراسات أن الأطفال المستهلكين يتميزون بمجموعة من الخصائص منها: أنهم متجددون, فهم جاهزون دائما لتجربة السلع الجديدة ولديهم الرغبة وقوة التأثير, والذين يؤثرون فيهم كثيرين يصعب تحديدهم ولكن من المؤكد أنهم قد يؤثرون في آبائهم, وهم يتصفون بالذكاء والتعصب لما يشاهدون نتيجة عدم رؤيتهم الصحيحة للأشياء, ولديهم قدرة علي التخيل والتصور ولذلك فهم يفضلون المعلومات عن هذه السلع في شكل صور وموسيقي, ولأن هؤلاء الأطفال يحبون أن يتعامل معهم علي أنهم راشدون لذلك يجب أن توضع مشاعرهم في الإعتبار.
بوابة الأمان
ولتعلم الطفل السلوك الإستهلاكي الصحيح يقع العبء الأكبر علي الوالدين, بإعتبارهما من أهم عناصر التنشئة الإجتماعية للمستهلك الطفل ودورهما أساسي في نمو المهارات الأساسية لديه, والوالدين لهما دور جوهري في تعريف أطفالهم بأنواع ووظائف السلع, وكيفية اختيار الأفضل من أنواع السلع المزمع شراؤها, من خلال اصطحاب أطفالهم معهم في أماكن التسوق المختلفة, فالأطفال يتعلمون من والديهم من خلال ملاحظتهم لهم في الشراء والإستهلاك, وعندما يقوم أحد الوالدين بقراءة المحتويات المدونة علي غلاف السلعة وإستخدام هذه المعلومات في قرار الشراء, فإنه بذلك يحرض أطفاله علي فعل ذلك عندما يستقلون في قرارات شرائهم, وعندما يهتم الوالدين بتناول الوجبات الجاهزة وشراؤها من أماكن معينة مع حجب أنواع الطعام الأخري, فإنه يرسخ في ذهن أطفاله هذه الأطعمة وتصبح مفضلة لديهم في مرحلة الطفولة وربما تسيرمعهم نمطا يفضلونه طوال حياتهم, فإن الأطفال يتعلمون بملاحظة مايقوم به الوالدين في حالة تكرار نفس سلوكيات الشراء والإستهلاك أمام أعينهم, وأثناء ملازمته لهما أثناء رحلات التسوق بشكل متكرر, ومن خلال المناقشات والتوجيهات التي تدور بينهم وبين الآباء أثناء عملية الشراء, وقد لوحظ أن الأمهات هن اللاتي يقع عليهن عبيء الإختيار لأطفالهن في هذه الرحلات الشرائية, فالأم هي التي يقع عليها مسئولية تغذية أطفالها ولذلك يطلق عليها بوابة الأمان في شراء السلع التي تدخل المنزل لإدراكها ماهو مفيد وماهو دون ذلك, لذلك فهي مسئولة عما يقوم أطفالها بشراؤه من السلع الغذائية, وقد أظهرت الدراسات أن الأم يقع عليها مسؤلية توجيه أطفالها في الأمور المختلفة بالإستهلاك, في حين أن الأب لايستطيع أن يقود الأسرة بمفرده في قرارات الإستهلاك المتعلقة بهم.





المصدر : الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق