هل يفكر الإخوان المسلمون في "حل" للخروج من أزمتها الحالية؟!.. فالأزمة ـ فعلاـ لم تعد أزمة "دولة"، وإنما أزمة "جماعة".. بمعنى أن "الحل" ليس عند الأولى وإنما ينبغي الآن، أن يكون بيد الثانية. ولعلنا نتذكر تصريحات سابقة للفريق السيسي حين قال: لا نملك إلا "الصبر" على الذين في "رابعة العدوية".. وهي تصريحات تعكس قناعة الجيش بأنه يتعين على الجماعة، أن تجد لنفسها حلا.. ولا تنتظره من الآخرين. والحال أن النشاط على الأرض في "رابعة" .. يقابله قدر مبالغ فيه من "التثاؤب" والركون إلى انتظار أن تفتح "طاقة القدر" بحلول "معلبة" أو جاهزة.. قد تأتيه من خارج الجماعة، ولعله كان جليا، الخطاب الصوفي، الذي هيمن على أعلى سلطة روحية لمنظمي الحشود، حين انتظروا "حلا" من السماء، بلغت حد الادعاء بتأييد "الملائكة".. وتجلي "النبي" و"جبريل" على المتظاهرين! ويبدو لي أن الجماعة تتبع سبيل الرهان على "الضغوط" وليس "الحلول".. وهي مقامرة خطرة، تحرمها نعمة التفكير، وترزقها الانزلاق ـ دون أن تدري ـ نحو العنف المنظم، الأقرب إلى حروب الشوارع أو الحرب الأهلية. ولا أدري ما إذا كان ذلك "مكابرة" أم "عجزا".. لأن تجربة الإخوان الأخيرة، ليست بدعا، عن تجارب إسلاميين في دول أخرى، تلقت "المحنة" وأحالتها إلى "منحة" خرجت منها أقوى مما كانت (التجربة التركية مثلا).. أما ما يجري الآن، فهو طريق آخر، يقرب الجماعة، أكثر من أي وقت مضى، إلى النموذج الجزائري. والحال أنه ليس أمام الإخوان إلا هذين الخيارين.. وليس ثمة ما يناسبها منهما، إلا الخيار الأول (التركي).. إذ تشبه إزاحة د. مرسي من الحكم، تجربة الإطاحة بـ"أربكان" في تركيا.. غير أن الإسلاميين الأتراك، اعتبروها "فشلا" في الحفاظ على الحكم، وحملوا مسؤولية خروجهم من السلطة للحزب الإسلامي الحاكم في ذلك الوقت .. حزب "الرفاه".. ولم يهدروا طاقات الإصلاح في مواجهات غير متكافئة مع الجيش، بل أجروا مراجعات كبيرة وجسورة وأطاحوا بـ"سدنة الفشل" من قادة الحزب المسنة والعجوزة، وتولى جيل الشباب، إعادة بناء الحزب على أسس وأصول جديدة، وتحت مسمي جديد "العدالة والتنمية".. وعاد بعدها الإسلاميون وخلال سنوات قليلة إلى الحكم مجددا، وبأصوات العلمانيين "المعجبين" بالنجاح والانجازات.. قبل أصوات الإسلاميين "المتعاطفين" مع التجربة بطبيعة الحال. والحال أن مستقبل الجماعة قد بات محسوما، إما البقاء على قيد الحياة، مع احتمال العودة إلى الحكم لاحقا، بالاستفادة من تجربة "أردوغان ـ أغلو" في تركيا.. وإما الخروج النهائي من اللعبة السياسية.. إذ لم تجر مراجعات عاجلة وجادة ورصينة لتجربتها الطويلة منذ نشأتها عام 28 وإلى خروجها المبكر من السلطة يوم 3 يوليو الماضي.
المصدر المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق