بيروت : جاكلين بولس
كانت الأمور تسير على خير ما يرام ولم أشعر يوماً بصعوبة تحضير الطعام إلى أن تخذت ابنتى المراهقة التى لم تبلغ بعد الثالثة عشرة من عمرها قراراً بشطب كل مشتقات اللحوم . أبيضها وأحمرها ، من لائحة طعامها ، ظننت فى البداية أنها تركب موجة غالباً ما تركبها بنات جيلها ولا بد من أن تضعف أمام قطعة ستيك فى أحد المطاعم وتعاود حياتها كما كانت قبل قرارها ، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو ، إذ ترى ابنتى أن ذبح الحيوانات لنتلذذ نحن بلحومها خطأ كبير .
النظام الغذائى النباتى أصبح " موضة رائجة " تشتكى بعض الأمهات استشراءها فى صفوف بناتهن ، خصوصاً أن فتيات كثيرات أصبحن يطلبن " السلطة " طبقاً أساسياً للعشاء عندما يكن برفقة الأصدقاء فى المطاعم ، وصحيح أن أعدادهن ليست كبيرة لكنها آخذة فى الازدياد ومعها ترتفع مشكلة الأمهات الباحثات عن أطباق خالية من اللحوم إكراماً لصاحبات القرار الصعب ، وتحضير أكثر من صنف لتسود العدالة بين أفراد الأسرة الواحدة ، فلماذا تلجأ بعض الصبايا إلى هذا النمط الغذائى ؟ ماذا يأكلن كل يوم ؟ وما معاناة الأمهات مع نظام بناتهن المستجد ؟ أسئلة طرحتها " المرأة اليوم " على مجموعة من الصبايا وأمهاتهن ، وكان هذا التحقيق .
أنا ماريا جرجس :
تحضير الهمبرغر أبعدنى عن اللحوم
لـ أنا ماريا جرجس قصة أخرى مع النظام النباتى فهى وإن كانت لم تتم الرابعة عشرة من عمرها لكنها حزمت أمرها فى سن مبكرة جداً وامتنعت عن تناول اللحوم منذ نحو خمس سنوات ـ تقول آنا : " كنت أقف إلى جانب أمى فى المطبخ منذ خمس سنوات ورأيتها تحضر لنا الهمبرغر فى المنزل ، وتسحب ما يسمى " بالشروش " من قطع اللحم ولاحظت بقايا قطع اللحم ولاحظت بقايا الدم فى الصحن ما جعلنى أشعر بالتقزز من ذلك المنظر وقرر الابتعاد عن هذه الأصناف من الطعام ومنذ ذلك الحين لا آكل اللحوم مكتفية بتناول السمك ، وكل ما هو نباتى ولم أعان أى مشكلة صحية حتى الساعة " .
كمال جرجس
أنا مرغمة على تحضير أكثر من صنف
السيدة كمال جرجس والدة آنا ماريا تقول : " خففت من استخدام اللحوم فى الطعام إكراماً لابنتى وبتنا نتشارك معها فى العديد من الأطباق ويوم الأحد أحضر لها الباستا مع صلصة البندورة أو مع جبنة البارميزان أو الحبق ، وأحضر لباقى أفراد الأسرة كل ما يحلو تناوله فى هذا اليوم من مشاو أو غير ذلك ، والأكلة المفضلة لابنتى هى اللازانيا النباتية لذا أحضرها لها بكثرة وأغنيها بالخضار لتعوض أى نقص فى الحديد كما أحضر لها " التوفو " أو الصويا المشابعة تماماً للتركيبة الغذائية الموجودة فى اللحوم والحمد لله نموها لم يتأثر فقد كبرت بشكل طبيعى تماماً مثل أختها التوأم وحتى الساعة لم نستشر أى اختصاصى فى التغذية لأننى لم أجد ضرورة لذلك فكل شئ يبدو جيداً لديها " .
رشا عيتانى :
تحوّلت مرغمة إلى تناول اللحوم
تؤكد رشا ابنة السابعة عشرة أنها كانت نباتية منذ طفولتها وكانت تجد صعوبة قصوى فى ابتلاع قطع اللحم أو الدجاج أو السك مهما كان حجمها صغيراً وتقول : فى طفولتى كانت رؤية السمكة المقلية فى الطبق تثير شفقتى وحزنى لأننى أرى عينيها وكأنهما تنظران إلى طالبتين النجدة بخلاف اللحم الأحمر لأننى لم أر الخروف أو البقرة فى الصحن بشكل كامل .. لكن مشكلة خطيرة طرأت على عند البلوغ شكلت لى صدمة أذ ازداد وزنى بسرعة بالغة ، ولدى إجراء فحوص مخبرية وتحاليل للدم تبين أن ثمة ارتفاع كبيراً بنسبة الدهون فى الدم وأننى أعجك عن حرق الكربوهيدرات وأن جسمى يحول البقول إلى دهون وقد أرغمتنى هذه النتائج عن تناول اللحوم والامتناع عن الحبوب بأنواعها كافة واليوم آكل الدداد مثلاً مغمساً بالثوم والسلطة كى لا أحس بطعمه ومازلت عاجزة عن تناول الهمبرغر ، أنا آسفة لأننى ما عدت نباتية حفاظاً على صحتى ويم يؤكد لى الطبيب إمكانية تناولى الحبوب سأعود مرة أخرى نباتية على الفور .
ليلى عيتانى :
ابنتى نباتية منذ الولادة
" قصة ابنتى تختف عن قصص سواها من بنات جيلها " تقول السيدة ليلى عيتانى ، وتتابع "لقد وُلدت نباتية على ما أظن فهى منذ طفولتها ومنذ لحظة البدء بالتنويع الغذائى كانت ترفض تناول اللحوم على أنواعها ، لكن ما حصل معها لم يكن متوقعاً فعتد البلوغ قفز وزنها بشكل كبير وبعد أن كانت شديدة النحول ازداد وزنها نحو عشرة كيلو غرامات خلال أربعة أشهر فقط ما ستدعىت زيارة منا لعيادة أحد الأطباء وبعد الفحوص اللازمة تبين أن جسمها لا يتقبل البقوليات أو الحبوب وهى التى سببت لها بعضاً من البدانة ، لكننا لم نقتنع بهذا الرأى وزرنا عيادة اختصاصية فى التغذية وكان رأيها متطابقاً مع رأى الطبيب ووجدت ابنتى نفسها محرومة من كل أصناف الطعام إن جاز التعبير فقد حرمت نفسها من اللحوم والسماك وثمار البحر ، وحرمتها طبيعة جسدها الحبوب على أنواعها وهكذا باتت حتى ال" المجدرة" وهى أكلتها المفضلة ممنوعة عليها بعد البلوغ وصارت مرغمة على تناول اللحوم ولكن بشرط كأن تأكل فقط قطعة من الهمبرغر شديد الاستواء حتى الاحتراق مع الكثير من التوابل كى لا تشعر بطعم اللحم لكن ذلك يحصل بندرة كبيرة ولمساعدتها على تخفيض وزنها ومحاولة استرجاع قوامها الرشيق ، أحضر لها أحياناً الأرز بمرق الدجاج أو اللحم من دون علمها وما تعتمد عليه للتعويض عن هذا لنقص هوالإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة وعشاؤها المفضل حالياً قطعتان من التوست مع الجبن المشوى والخس واللبنة ، فهى تحب الطعام الصحى لذا تبتعد عن أكل المقالى أما خارج المنزل فيتركز أكلها على الباستا والسلطات الخالية من اللحوم والبيتزا النباتية .
سارة سعد :
أعوض عن اللحوم بثمارالبحر
سارة الطالبة فى كلية الإعلام فى الجامعةاللبنانية ـ الأمريكية صاحبة الأثنين والعشرين عاماً ، مازالت مستجدة فى اتباع النظام الغذائى النباتى لكنها لن تتراجع عنه كما فى السابق وتوضح سارة أنها كانت نباتية وهى فى سن الخامسة عشرة لكنها لم تصمد أمام ضغوط العائلة وعادت إلى تناول اللحوم والدجاج " إكراماً لأمها كى لا تزعجها بتحضير أكثر من طبق واحد كل يوم "
وتضيف : لم أكن أستسيغ طعم اللحوم على أنواعها منذ صغرى وكنت أتجنب قطع اللحم الصغيرة فى صحنى لكننى فىالوقت نفسه كنت أحب تناول الستيك إلى أن تناولته ليومين متتاليين : السبت من تحضير أمى ، والأحد من صنع يدى جدتى التى نتناول الغداء كل يوم أحد على مائدتها وسط كل أفراد الأسرةالكبيرة ، وفى طريق العودة إلى المنتزل اتخذت قرارى على مسامع والدتى وقلت لها " لن آكل اللحوم بعد اليم أبداً وهذه المرة قرارى نهائى" ، وعلى الرغم من أن كل شئ كان شهياً كالعادة لكننى شعرت بالتقزز وقررت التوقف بشكل نهائى واتباع نظام غذائى نباتى ، أحياناً آكل مكرهة قطعة صغيرة من فيلية السمك وذلك إكراماً لأمى .
أما عندما أكون خارج المنزل مع الرفاق أو فى الجامعة فأنا آكل كل ما لا يحتوى على اللحوم خصوصاً السلطة والبطاطا المشوية والباستا ورفاقى يسخرون من نوعية طعامى ويؤكدون لى أن البيتزا لا تكون شهية إن خلت من البيرونى وغيره من أصناف اللحوم المبردة لكننى لا أهتم وفى البيت أساعد أمى فى تحضير ما سأتناوله كى لا أتعبها فى تحضير الكثير من الأصناف أو أتناول الغذاء خارج البيت ، وعلى الرغم من أن لى خالين فى كندا وهما نباتيان تماماً لا يتناولان حتى البيض والحليب لكننى لم أتأثر بهما لأنهما بعيدان ولا أجتمع بهما إلا مرة واحدة كل سنتين ، لكننى أتبع التعليمات التى نصحهما بها الأطباء هناك .
فأكثر من تناول الخضروات والحبوب وثمار البحر التى أحبها كثيراً وحتى الساعة لم ألجأ إلى تناول أى مكملات غذائية من حديد أو بروتينات لأننى أشعر بأننى بألف خير .
ميريلا سعد :
الكل يحسب حسابها بطعام نباتى
السيدة ميريلا سعد ( والدة سارة ) ترى فى قرار ابنتها مشكلة كبيرة تحط على أكتافها لأن عليها واجب تحضير أصناف عديدة ترضى أذواق أهل البيت لذا " خففت من تحضيرالطعام مع اللحوم إكراماً لسارة " .
وتتابع بتنا نأكل البازلاء والأرز خاليين من اللحم وأحضر لسارة السلطة الخالية من أى نوع من اللحوم المبردة وأعتمد على البطاطا المشوية بدلاً من المقلية تجنباً للوقوع فى مشكلة الكوليسترول ويم الأحد يكون الغداء لدى أهلى وأمى تعتنى بسارة جيداً وتحسب لها حساباً خاصاً فتعد لها تبولة وفاصولياء متبلة وورق العنب بالزيت إلخ .
ريتا أبى غصن : للغذاء النباتى .. مزايا وعيوب
اختصاصية التغذية ريتا أبى غصن تحدثت عن فئات مختلفة من النباتيين تتراوح بين :
ـ النباتى الكلى وهو الممتنع عن أكل اللحوم بأنواعها المختلفة والبيض وكل مشتقات الحليب .
ـ الممتنع عن اللحوم ويأكل مشتقات الحليب من دون البيض
ـ الممتنع عن اللحوم مكتفياً بالبيض والحليب
وترى أبى غصن أن لهذا النظام الغذائى حسناته وسيئاته العديدة وفى التفاصيل تقول : " إنه يحمى من الكوليسرول ومن ارتفاع معدل ضغط الدم ويحمى الشرايين والقلب " وتسهل الألياف الموجود فيه بكثرة عمل الأمعاء وحركة الترانزيت وتقلل من مخاطر الإصابة بـ " سرطان القولون ".
كما أنه يساعد على خسارة الوزن والحصول على كميات كبيرة من الفيتامينات الموجودة فى الخضراوات والفاكهة والتى تشكل العمود الفقرى لهذا النظام العذائى لكنه مقابل ذلك يجعل الجسم يخسر الكثير من حاجاته الضرورية حيث يعانى النباتيون نقصاً فى الحديد لأن الكميات الكبيرة منه موجودة فى اللحوم لذا عليهم تناول كميات كبيرة من الخضراوات المورقة ، وكميات مماثلة من الحبوب لاسيما الكاملة منها ، أيضاً فيتامين (12 ب ) الموجود فى اللحوم وفى كل المنتجات الحيوانية من بيض وحليب يمكن التعويض عنه بمزج الحبوب مع الخضراوات .
كذلك نلاحظ لدىالنباتيين نقصاً فى الزنك ونقصاً مماثلاً فى الكالسيوم خصوصاً لدى أولئك الممتنعين عن تناول الحليب ومشتقاته ، وهؤلاء ننصحهم بتناول حليب الصويا .
وعن كيفية التعويض تقول أبى غصن : " لابد من تناول الخضروات والفاكهة بكثرة ، والاعتماد علىالحبوب الكاملة مثل الأرز الأسمر والقمح والذرة والباستا ، والإكثار من تحضير البقوليات والحبوب على أنواعها مثل الفاصولياء والعدس والفول والبازلاء والحمص .. واستخدام الزيوت النباتية غير المشبعة والابتعاد عنالزبدة ، وتناول المكسرات النيئة مثل الجوز واللوز والفستق .. والتركيز على تناول البيض ومشتقات الحليب قليلة الدسم والإكثار من شرب العصائر الطبيعية الغنية بالفيتامين (سى ) المساعد على امتصاص الحديد من الخضراوات والبقوليات " وشددت أبى غصن على أن النواقص التى يعانى منها النباتيون لا تظهر بسرعة كما يعتقدون ، وأن عليهم تناول بعض الفيتامينات والحديد .
المصدر : المرأة اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق