الخميس، 5 أبريل 2012

رمضان والسعادة



السعادة تمتد في أدناها من الخلو من الضيق والكآبة والقلق … إلى الشعور بالفرح والنشوة والبهجة واللذة النفسية، ولهذا فمن أسباب التعاسة عدم اهتمامنا بوضع برنامجاً للسعادة فنظل حبيسي روتين يومي قاتل (كجمل المعصرة) وأسرى لحياة رتيبة لا ننفض عن أنفسنا غبارها فنخاف التغير فيستولي علينا الملل الذي يجلب التعاسة،، ومن ضمن الأسباب أيضا ضعف إرادة الفرد في التحكم في ذاته فينجر وراء ما يخيفه فيلجأ إلى الهروب السلبي والذي يشعره بالنقص والضعف، ومن المنغصات أيضا سؤ علاقة الإنسان بالآخرين الناتجة عن عصبيته وردوده الغليظة وغير ذلك، وشعور الإنسان بالوحدة والخوف من ضعفه أمام الناس، وحتى اضطراب غذاء الإنسان من حيث مواعيده وتوازنه، وسبب واحد من هذه الأسباب أو مجموعها يمثل طريقاً للتعاسة وفي المقابل مجموعة من الأساليب أو أسلوب واحد يعالج الضيق والكآبة بل وينقلنا إلى المتعة المطمئنة الخالية من الشعور بالذنب، فما البرنامج الذي سوف نضعه لك عزيزي القارئ هنا ؟ الحقيقة أن الواضع هنا هو الله سبحانه وتعالى الذي وضع للإنسان المسكين الغارق في ماديات الحياة برامجاً منوعة تقيه من الوقوع في الضيق والقلق، أليس الله أعلم بالنفس الإنسانية التي خلقها ؟ والبرنامج الذي نقصده هنا هو شهر رمضان المبارك فكيف يكون شهر رمضان علاجاً نفسياً ؟
سنختصر بعض ما يقدمه هذا لشهر من علاج نفسي في النقاط التالية :
- تغيير الروتين الحياتي باعث الملل ففيه يكون تناول الطعام ليلاً فقط، ويتحول الليل نهارا وخاصة في بلادنا، وتظهر طقوس موسمية، وأطعمة خاصة بهذا الشهر ارتبطت بالفرحة منذ طفولتنا لأننها تختفي علينا عاما كاملا.
- الحرمان من الطعام في النهار يجعلنا نتذوق الطعام بلذة تختلف عن تذوقه في الأيام العادية التي تتحول فيها ألذ الأطعمة إلى أداء واجب من أجل البقاء.
- إن هذا الحرمان يشعرنا بالنعمة التي بين أيدينا والتي لا نراها لأننا غالباً ما نركز على ما ينقصنا وننسى ما نملك من النعم وهذا الشعور بحد ذاته يسعدنا بأننا نملك أشياء لو فقدناها لكان حالنا أسوء، وهنا نقول الحمد لله الذي أعطانا هذا.
- التغير الفسيولوجي المصاحب لعملية التغيير أيضا ينعكس إيجابا على حالتنا النفسية فنشعر بارتياح غريب.
- التدريب الإلزامي على الإرادة، وهذا يساعد في القضاء على سبب من أسباب التعاسة وهو ضعف الإرادة الذي يصعب التدريب عليه في الأيام العادية.
- تسوية العلاقات بين الناس فعبارة (اللهم إني صائم) الساحرة تنعكس على علينا بأشياء كثيرة منها تجنبنا مضاعفات المشاكل التي تحرق أعصابنا، وكذلك تشعر نا برفعة أخلاقنا وأننا نكسب أجرا بصبرنا، بل يعود إلينا من رددنا عليه بهذه العبارة الجميلة معتذراً خجولا ((فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم))
- وأكتفي أخيراً وأولاً بالتقرب من الله سبحانه وتعالى (آلا بذكر الله تطمئن القلوب)) فلا ربما ألهتنا حياتنا المادية قليلا والذي نخاف أن ننسى الله فينسنا أنفسنا، فهذه المناسبة الدينية سوف تنفض أتربة الجفاف الروحي وترطب القلوب ويتم ذلك عن طريق الصوم والصلاة وقراءة القرآن وخاصة في الجماعة فنسمع الموسيقى واللفظ الجميل والمعنى الذي يصف ويفسر طرق السعادة فالقرآن ينبهنا لكي لا ننسى من عدم خوف الإنسان من الإنسان لأن الله هو القوي، وما مكتوب علينا سيصيبنا، وأنه لو اجتمع الأنس والجن على أن يضرونا بشيء لن يضرونا إلا بشيء قد كتبه الله لنا، وإن الدنيا التي تسبب لنا الضيق لفقدان حاجة ما لا تساوي جناح بعوضة، وبطبيق بهذه الأشياء وغيرها والتي لا يستطيع مقال واحد أن يستوعبها تكون عزيزي القارئ الملتزم قد وصلت إلى مرحلة من المتعة الروحية التي تخص رمضان وتشعرك بالطهر والتطهر والتخفيف من الشعور بالذنب الذي يتعس الإنسان، ولكن قد يشعر بعض القراء أثناء قراءة هذا المقال بالضيق، ويقولون أتعسنا المقال، وهنا يكون السبب أن المقال ذكرهم بتقصيرهم ولكن نقول لهم بكل ثقة لا تيأسوا فأنتم مسلمون وباب العودة إلى الطريق الصحيح السعيد مفتوح لا يغلق فأسماء الله تؤكد ذلك فهو الغفور الرحيم الكريم …، وما عليك إلى أن تنوي من الآن ف (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى …)).
المصدر : الإرشاد النفسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق