السبت، 3 أغسطس 2013

خشوع القلوب

قال الله تعالى فى كتابه العزيز: «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ»، الحديد - 16، المشهور فى سبب نزول هذه الآيات ما رواه مسلم فى صحيحه عن ابن مسعود -رضى الله عنهما- قال: «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين». وقال ابن عباس رضى الله عنهما: «إنَّ الله استبطأ المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن». وقيل: نزلت فى المنافقين بعد الهجرة بسنة، ورُوى أنَّ المِزاح والضحك كثُر فى أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- لمّا ترفهوا بالمدينة؛ فنزلت الآية.
ومعناها: ألم يَحِنْ للذين صدَّقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتفهمه وتنقاد له، وتسمع له وتُطيعه، ولا يسلكون سبيل اليهود والنصارى؛ فقد أُعطوا التوراة والإنجيل فطالت الأزمان بهم فقست قلوبهم، فاخترعوا كتاباً من عند أنفسهم، فاستحقوا غضب الله ونقمته.
جعلنا الله -بفضله وبرحمته- ممّن يقولون بلسان حالهم قبل مقالهم: «بلى يا ربُّ قد آنَ» وهدانا إلى صراط المؤمنين الموحّدين، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين، اللهمّ آمين.
————————————————————————————————————
شراءُ النفس فى سبيل الله
قال الله تعالى: «وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ»، البقرة: 207.
المشهور فى سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت فى صهيب بن سنان الرومى رضى الله عنه؛ وذلك أنه لما أسلم بمكة، وأراد الهجرة ليلحق بالنبى -عليه الصلاة والسلام- منعته قريش أن يهاجر بماله، وإن أحب فعليه أن يتجرد منه ويهاجر، ففعل ليتخلص منهم، وأعطاهم ماله؛ فأنزل الله فيه هذه الآية، فتلقاه عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وجماعة إلى طرف الحرة فى المدينة النبوية؛ فقالوا له: ربح البيع. فقال: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل هذه الآية. ويروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «ربح البيع صهيب».
ولا يمنع أنها نزلت فى كل مجاهد فى سبيل الله، كما قال تعالى: « إِنَّ اللهَ اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّة يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيل اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ».
فلله درك يا صهيب! شرى نفسه طلباً لرضوان الله تعالى، هكذا تكون التضحية، وإلا فلا! هذا صهيب، وهذا فعله قد غدا قرآناً يتلى إلى يوم القيامة؛ فماذا قدمنا نحن طلباً لمرضاة الله سبحانه؟ وماذا بذلنا من أموالنا، وأنفسنا، وأوقاتنا لنصرة دين الله تعالى فى زمن الغربة التى أفقدت كثيراً من المسلمين توازنهم، وزلزلت كيانهم، وشوهت أفكارهم إلا من رحم ربى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق