أخرج الزبير بن بكار من طريق ربيعة بن عثمان أن أعرابيا دهل علي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأناخ ناقته بفنائه, فقال بعض الصحابة لنعيمان البدري رضي الله عنه: لو عقرتها فأكلناها.فإنا قد قرمنا من اللحم, فخرج الأعرابي وصاح: واعقراه يا محمد! فخرج الرسول صلي الله عليه وسلم ـ فقال: من فعل هذا؟ قالوا: نعيمان, فأتبعه يسأل عنه حتي وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب, واستخفي تحت سرب لها فوقه جريد, فأشار رجل إلي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ حيث هو, فقال: ما حملك علي ما صنعت؟ قال: الذين دلوك علي يا رسول الله, هم الذين أمروني بذلك, فجعل يمسح التراب عن وجهه, ويضحك, ثم غرمها للأعرابي ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة وابن عساكر في تاريخ دمشق وغيرهما في ترجمة نعيمان بن عمرو الصحابي الجليل النعيمان بن عمرو الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ كان من بين الصحابة الذين اشتهروا بكثرة المزاح والضحك, وهو ممن شهد العقبة وبدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها.قال ابن الأثير: ومكان المزاح, يضحك النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ من مزاحه, وكان لا يدخل المدينة إلا اشتري منها, ثم جاء بها إلي النبي فيقول هذا أهديته لك, فإذا حاء صاحبها يطلب نعيمان ثمنها أحضره إلي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقال: أعط هذا ثمن متاعه فيقول: أو لم تهده لي؟ فيقول: إنه والله لم يكن عندي ثمنه, ولقد أحببت أن تأكله فيضحك صلي الله عليه وسلم, ويأمر لصاحبه بثمنه وفي هذا المشهد يشير عليه هؤلاء الصحابة بعقر ناقة هذا الأعرابي, ليأكلوا منها, ثم دلوا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي مكان اختبائه, وهنا تبسم النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ من فعله رضي الل عنه, وحرأته علي ناقة الأعرابي, وتقبل النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ هذه المداعبة منه رضي الله عنه, وقد عالج النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ الموقف بغرم ناقة الأعرابي من ماله وهذه الأخبار وإن كانت لا تخلو أسانيدها من مقال إلا أنه قد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا روينا في الحلال وتالحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا فإن قيل فيما روي عن نعيمان ـ رضي الله عنه ـ هنا ما يخالف نهي النلبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن ترويع المسلم, قلنا ما قاله الإمام المناوي رحمه الله: محل النهي في ترويع لا يحتمل غالبا, وهذا ليس منه, فإن نعيمان مزاح مضحاك معروف بذلك, ومن هذا شأنه ففعله لا ترويع فيه.
المصدر الاهرام المسائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق